alfrqan

مرحبا بكم في موقعنا ومنتديات الفرقان نتمني لكم قضاء وقت جميل معنا والاستفادة بكل ما هوه جديد نأمل من الله ان نكون عند حسن ظنكم بنا في هذا الموقع الديني
ملاحظة هامة عند الاشتراك بالموقع والتسجيل لا تنسي الرسالة الذي ترسل اليك عبر الاميل لانها يوجد بها رابط التفعيل ويكون هناك رابطين الاول للموقع والثاني لتفعيل عضويتك لتمكنك من تسجيل الدخول بعد ذلك فالرجاء بعد التسجيل وقبل قيامك بالدخول اذهب الي رسائلك في الاميل تجد هذا الرابط الموجود وبعد الضغط عليه يمكن الدخول والاستمتاع معنا في موقعنا فاهلا وسهلا بك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

alfrqan

مرحبا بكم في موقعنا ومنتديات الفرقان نتمني لكم قضاء وقت جميل معنا والاستفادة بكل ما هوه جديد نأمل من الله ان نكون عند حسن ظنكم بنا في هذا الموقع الديني
ملاحظة هامة عند الاشتراك بالموقع والتسجيل لا تنسي الرسالة الذي ترسل اليك عبر الاميل لانها يوجد بها رابط التفعيل ويكون هناك رابطين الاول للموقع والثاني لتفعيل عضويتك لتمكنك من تسجيل الدخول بعد ذلك فالرجاء بعد التسجيل وقبل قيامك بالدخول اذهب الي رسائلك في الاميل تجد هذا الرابط الموجود وبعد الضغط عليه يمكن الدخول والاستمتاع معنا في موقعنا فاهلا وسهلا بك

alfrqan

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع الشريعة والحياه

خبر عاجل-- عدد الشهداء حتي الان 142 شهيد و1115 جريح جلهم من الاطفال-- الحكومة الاسرائيلية تدعم مدن وبلدات الجنوب بـ 15 مليون شيقل--استشهاد الفتى احمد ابو عليان من بني سهيلا متأثرا بجراحه--استهداف مواطنين بصاروخ استطلاع واصابتهما بجراح في حي الشجاعية بغزة--اصابتان في قصف تحذيري قرب منزل مستشار هنية عصام الدعاليس--سقوط صاروخ على منطقة "بني شمعون" واندلاع حريق بعد انفجار الصاروخ--شهيد وثلاثة جرحى في غارة قرب مسجد الشافعي بجباليا--القسام تقصف قاعدة حتسور الجوية بـ 3 جراد واسدود بصاروخ محلي--اسرائيل تقصف منزلا غرب النصيرات والنيران تشتعل فيه بعد تدميره--المقاومه تسستبسل تجدد القصف الصاروخي على المدن والبلدات الاسرائيلية--اليوم 8 من الحرب -يبدأ باستهداف منازل ومقرات حكومية وجسر تاريخي--الطائرات الاسرائيلية تستأنف قصف أنفاق رفح بـ7 غارات واشتعال النار--ابو مرزوق: لا يجوز قتل العملاء بهذه الطريقة ويجب محاسبة المنفذين--قصف مركز شرطة محافظة خانيونس بعدد من الصواريخ--القسام تخترق بث القناتين العاشرة والثانية وتهدد سلاح المدرعات--نتنياهو: نفضل تسوية الوضع بالوسائل الدبلوماسية--طائرات اف 16 تدمر منزل عصام الدعاليس مستشار هنية وسط القطاع

نعلمكم انه تم تفعيل الموقع بعد انقطاع دام اشهر فاهلا وسهلا بكم من جديد والتفاعل مع الموقع بالمشاركات عبر الاميل التالي a_a213@hotmail.com ولكم جزيل الشكرا


    تفسير صورة الفاتحة

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 139
    نقاط : 410
    السٌّمعَة : 6
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010
    العمر : 45
    الموقع : https://alfrqan.ahlamontada.net

    تفسير صورة الفاتحة Empty تفسير صورة الفاتحة

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مارس 07, 2010 9:01 pm

    تفسير سورة الفاتحةِ


    {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)}


    أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى؛ لأنَّ لفظَ (اسمْ) مفردٌ مُضافٌ، فيعمُّ جميعَ الأسماءِ [الحسنى].
    {اللَّه}:هوَ المألوهُ المعبودُ، المستحقُّ لإفرادهِ بالعبادةِ لما اتصفَ بهِ منْ صفاتِ الألوهيةِ، وهيَ صفاتُ الكمالِ.
    {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}:اسمانِ دالاَّنِ على أنَّهُ تعالى ذو الرحمةِ الواسعةِ العظيمةِ التي وسعتْ كُلَّ شيءٍ، وعمَّتْ كلَّ حيٍّ وكتبَها للمتّقينَ المتبعينَ لأنبيائهِ ورسلهِ، فهؤلاءِ لهم الرحمةُ المطلقةُ، ومَنْ عَداهُمْ فلهمْ نصيبٌ منهَا.
    واعلمْ أنَّ منَ القواعدِ المتفقِ عليهَا بينَ سلفِ الأمةِ وأئِمتهَا، الإيمانَ بأسماءِ اللهِ وصفاتِهِ، وأحكامِ الصفاتِ، فيؤمنونَ مثلاً بأنَّهُ رحمنٌ رحيمٌ، ذو الرحمةِ التي اتصفَ بهَا، المتعلقةِ بالمرحومِ، فالنعمُ كلُّها أثرٌ مِنْ آثارِ رحمتِهِ، وهكذا في سائرِ الأسماءِ، يُقالُ في العليمِ: إنَّهُ عليمٌ ذو علمٍ يعلمُ [بهِ] كلَّ شيءٍ، قديرٌ ذو قدرةٍ يقْدِرُ على كلِّ شيءٍ.
    {الْحَمْدُ لِلَّهِ}:[هو] الثناءُ علَى اللهِ بصفاتِ الكمالِ، وبأفعالِهِ الدائرةِ بينَ الفضلِ والعدلِ، فلَهُ الحمدُ الكاملُ بجميعِ الوجوهِ.
    {رَبِّ الْعَالَمِينَ}:الرَّبُّ: هو المربِّي جميعَ العالمينَ - وهمْ مَنْ سوى اللهِ - بخلقِهِ لهمُ، وإعدادِهِ لهمْ الآلاتِ، وإنعامِهِ عليهمْ بالنعمِ العظيمةِ، التي لو فقدوهَا لمْ يمكنْ لهمُ البقاءُ، فمَا بهمْ مِنْ نعمةٍ فمنهُ تعالى.
    وتربيتُهُ تعالىَ لخلقِهِ نوعانِ: عامةٌ وخاصةٌ.
    فالعامةُ: هيَ خلقُهُ للمخلوقينَ، ورزقُهمْ، وهدايتُهم لما فيهِ مصالحهمُ، التي فيهَا بقاؤُهمْ في الدنيَا.
    والخاصةُ: تربيَتُهُ لأوليائِهِ، فيربِّيهِم بالإيمانِ، ويوفِّقُهُمْ لَهُ، ويكمِّلُهُ لهمْ، ويدفعُ عنهمْ الصوارِفَ والعوائقَ الحائلةَ بينهُمْ وبينَهُ.
    وحقيقتُهَا: تربيةُ التوفيقِ لكلِّ خيرٍ، والعصمةُ عَنْ كلِّ شرٍّ، ولعلَّ هذا [المعنَى] هوَ السرُّ في كونِ أكثرِ أدعيةِ الأنبياءِ بلفظِ الربِّ، فإنَّ مطالبَهمْ كلهَا داخلةٌ تَحتَ ربوبيتهِ الخاصةِ.
    فدلَّ قولُهُ: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} على انفرادِهِ بالخلقِ والتدبيرِ والنعمِ، وكمالِ غناهُ، وتمامِ فقرِ العالمينَ إليهِ، بكلِّ وجهٍ واعتبارٍ.
    {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}:المالكُ: هوَ مَنِ اتصفَ بصفةِ المالكِ التي منْ آثارِهَا أنَّهُ يأمرُ وينهى، ويثيبُ ويعاقبُ، ويتصرفُ بمماليكِهِ بجميعِ أنواعِ التصرفاتِ، وأضافَ الملكَ ليومِ الدينِ، وهوَ يومُ القيامةِ، يومَ يُدانُ الناسُ فيهِ بأعمالِهمْ خيرِها وشرِّهَا؛ لأنَّ في ذلكَ اليومِ يظهرُ للخلقِ تمامَ الظهورِ كمالُ ملكِهِ وعدلِهِ وحكمتِهِ، وانقطاعُ أملاكِ الخلائقِ، حتى [إنَّهُ] يستوي في ذلكَ اليومِ الملوكُ والرعايَا والعبيدُ والأحرارُ، كلُّهُمْ مذعنونَ لعظمتِهِ خاضعونَ لعزَّتِهِ، منتظرونَ لمجازاتِهِ، راجونَ ثوابهُ، خائفونَ منْ عقابِهِ، فلذلِكَ خصَّهُ بالذكرِ، وإلاّ فهوَ المالكُ ليومِ الدينِ ولغيرهِ منَ الأيامِ.
    وقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: نخصُّكَ وحدكَ بالعبادةِ والاستعانةِ؛ لأنَّ تقديمَ المعمولِ يفيدُ الحصرَ، وهوَ إثباتُ الحكمِ للمذكورِ ونفيهُ عما عداهُ، فكأنَّهُ يقولُ: نعبدكَ، ولا نعبدُ غَيركَ، ونستعينُ بكَ، ولا نستعينُ بغيركَ.
    وتقديم العبادةِ على الاستعانةِ منْ بابِ تقديمِ العامِّ على الخاصِّ، واهتماماً بتقديمِ حقِّهِ تعالى على حقِّ عبدِهِ.
    و(العبادة): اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبُّهُ اللهُ ويرضاهُ من الأعمالِ والأقوالِ الظاهرةِ والباطنةِ.
    و(الاستعانة): هيَ الاعتمادُ على اللهِ تعالىَ في جلبِ المنافعِ ودفعِ المضارِّ، معَ الثِّقةِ بهِ في تحصيلِ ذلكَ.
    والقيامُ بعبادةِ اللهِ والاستعانةِ بهِ هوَ الوسيلةُ للسعادةِ الأبديةِ، والنجاةِ منْ جميعِ الشرورِ، فلا سبيلَ إلى النجاةِ إلاَّ بالقيامِ بهمَا، وإنَّما تكونُ العبادةُ عبادةً إذا كانَتْ مأخوذةً عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مقصوداً بها وجهُ اللهِ، فبهذينِ الأمرينِ تكونُ عبادةً.
    وذكرُ (الاستعانة) بعدَ (العبادةِ) معَ دخولِهَا فيهَا، لاحتياجِ العبدِ في جميعِ عباداتهِ إلى الاستعانةِ باللهِ تعالى، فإنَّهُ إنْ لم يعنهُ اللهُ لم يحصلْ لهُ ما يريدهُ منْ فعلِ الأوامرِ واجتنابِ النواهي.
    ثمَّ قالَ تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أَي: دُلَّنَا وأَرشِدنَا ووفقْنَا للصراطِ المستقيمِ، وهوَ الطريقُ الواضحُ الموصلُ إلى اللهِ وإلى جنتِهِ، وهو معرفةُ الحقِّ والعملُ بهِ، فاهدِنَا إلى الصراطِ واهدِنَا في الصراطِ، فالهدايةُ إلى الصراطِ: لزومُ دينِ الإسلامِ، وتركُ ما سواهُ منَ الأديانِ، والهدايةُ في الصراطِ تشملُ الهدايةَ لجميعِ التفاصيلِ الدينيّةِ علماً وعملاً.
    فهذا الدعاءُ منْ أجمعِ الأدعيةِ وأنفعِها للعبدِ، ولهذا وجبَ على الإنسانِ أنْ يدعوَ اللهَ بهِ في كلِّ ركعةٍ من صلاتِهِ، لضرورتِهِ إلى ذلكَ.
    وهذا الصراطُ المستقيمُ هوَ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النَّبيّينَ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ، {غَيْرِ} صراطِ {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} الذينَ عرفوا الحقَّ وتركوهُ كاليهودِ ونحوهِم، وغيرِ صراطِ {الضَّالِّينَ} الذين تركوا الحقَّ على جهلٍ وضلالٍ، كالنصارى ونحوهم.
    فهذهِ السورةُ على إيجازِها، قدِ احتوتْ على ما لم تحتوِ عليهِ سورةٌ منْ سورِ القرآنِ، فتضمَّنَتْ أنواعَ التوحيدِ الثلاثةَ:
    - توحيدُ الربوبيةِ،يؤخذُ مِنْ قولِهِ: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
    - وتوحيدُ الإلهيةِ، وهوَ إفرادُ اللهِ بالعبادةِ، يُؤخذُ مِنْ لفظِ: (الله) ومِنْ قولِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
    - وتوحيدُ الأسماءِ والصفاتِ، وهو إثباتُ صفاتِ الكمالِ للهِ تعالى، التي أثبتَها لنفسِهِ، وأثبتَها لهُ رسولُهُ منْ غيرِ تعطيلٍ ولا تمثيلٍ ولا تشبيهٍ، وقدْ دلَّ على ذلكَ لفظُ {الْحَمْدُ} كما تقدمَ.
    - وتضمنتْ إثباتَ النبوَّةِ في قولِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأنَّ ذلكَ ممتنعٌ بدونِ الرسالةِ.
    - وإثباتَ الجزاءِ على الأعمالِ في قولِهِ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وأنَّ الجزاءَ يكونُ بالعدلِ؛ لأنَّ الدينَ معناهُ الجزاءُ بالعدلِ.
    -وتضمنتْ إثباتَ القدرِ، وأنَّ العبدَ فاعلٌ حقيقةً، خلافاً للقدريةِ والجبريةِ.
    بلْ تضمنتِ الردَّ على جميعِ أهلِ البِدعِ [والضلالِ] في قولِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأنَّهُ معرفةُ الحقِّ والعملُ بهِ، وكلُّ مبتدعٍ [وضالٍّ] فهوَ مخالفٌ لذلِكَ.
    - وتضمنتْ إخلاصَ الدينِ للهِ تعالى عبادةً واستعانةً في قولِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.




    سُورةُ الفَاتِحة


    سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورة (فاتحة الكتاب) لكونه افتتح بها، وإن لم تكن أول ما نزل من القرآن.

    قيل: هي مكية.
    وقيل: مدنية.
    تسمى فاتحة الكتاب، وتسمى أمّ الكتاب، وصح تسميتها بالسبع المثاني، وسورة الحمد.
    أخرج البخاري وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الْحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمينَ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيْتُهُ)).
    (1) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اختلف أهل العلم في البسملة:
    فقيل: هي آية مستقلة في أول كل سورة كتبت في أولها.
    وقيل: هي بعض آية من أول كل سورة، أو هي كذلك في الفاتحة فقط دون غيرها.
    وقيل: إنها ليست بآية في الجميع، وإنما كُتبت للفصل.
    وقد اتفقوا على أنها بعض آية في سورة النمل.
    {اللَّهُ}: عَلَمٌ لم يطلق على غيره تعالى، وأصله: الإله، المعبود بالحق.
    و{الرَّحْمَنُ} و{الرَّحِيمِ} اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم، والرحمن صفة لم تستعمل لغير الله عز وجل.

    (2) {الْحَمْدُ لِلَّهِ} الحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، والحمديكون من اللسان فقط، أماالشكر فيكون باللسان والقلب والأعضاء.
    ولا يكون الشكر إلا مقابل نعمة.
    أما الحمد: فيكون لكمال المحمود ولو في غير مقابلة نعمة.
    والله تعالى له الحمد والشكر.

    {رَبِّ الْعَالَمِينَ}: الرب: اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال في غيره إلا مضافاً، كقولك: هذا الرجل رب المنزل، والرب المالك، والرب السيد، والرب المصلح والمدبر، والرب المعبود.
    (العالَمون): جمع العالم، وهو كل موجود سوى الله تعالى.
    (3) {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قد تقدم تفسيرهما.
    ولما كان في اتصافه برب العالمين ترهيب قرنه بالرحمن الرحيم ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته.
    (4) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قرئ: (مَلِك) و(مَالِك)، فـ(المَلِك) صفة لذاته، و(المالك) صفة لفعله.

    و{يَوْمِ الدِّينِ} يوم الجزاء من الرب سبحانه لعباده.
    وعن قتادة قال: (يوم الدين يوم يدين الله العباد بأعمالهم).

    (5) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نخصك بالعبادة، ونخصك بالاستعانة، لا نعبد غيرك ولا نستعينه.
    والعبادة: عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف.
    والمجيء بالنون لقصد التواضع لا لتعظيم النفس.
    عن ابن عباس في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} يعني: (إياك نوحد ونخاف ياربنا لا غيرك، وإياك نستعين على طاعتك وعلى أمورنا كلها)
    وعن قتادة أنه قال: (يأمركم الله أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أمركم).

    (6) {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} الهداية: الإرشاد، أو التوفيق، أو الدلالة.
    ومعناه: طلب الزيادة من الهداية، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}.
    و{الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.
    وأخرج أحمد وغيره، عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تَلِجْهُ، فالصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق: واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم)).

    (7) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} هم المذكورون في سورة النساء، حيث قال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً}.
    {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: هم اليهود.
    {وَلا الضَّالِّينَ}:هم النصارى، أي: لأن اليهود علموا الحق فتركوه وحادوا عنه عن علم، فاستحقوا غضب الله، والنصارى حادوا عن الحقِّ جهلاً فكانوا على ضلال مبين في شأن عيسى عليه السلام.









    سورةُ الفاتحةِ
    لهذهِ السُّورةِ أسماءٌ عديدةٌ:
    - كأمِّ الكتابِ.
    - والسبعِ المثاني.
    - وسورةِ الصَّلاةِ.
    - والفاتحةِ، وغيرِهَا.
    ولها كذلكَ فضائلُ عديدةٌ:
    - كَكَونِها لا تقومُ الصلاةُ إلا بها.
    - وكونِها رُقيةً وشفاءً.
    - وأَنَّها أفضلُ سورةٍ في القرآنِ، إلى غير ذلكَ مما وَرَدَ في السُّـنَّةِ من فضائلها.
    1- قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يخبرُ اللهُ تعالى أنَّ جميعَ المحامدِ خالصةٌ له، ومختصَّةٌ به، فلا محمودَ على كلِّ فعلٍ سِواهُ، ويكونُ حَمْدُهُ بذكر صفاتِ كمالهِ وجلالهِ، ويكون بالشكرِ له على نعمائهِ، ويكونُ بالثناء عليهِ، فهذه مجتمعةً تشملُ معنى الحمدِ.
    وفي حمدِ اللهِ تعالى لنفسهِ تعليمٌ لعبادهِ أن يحمدوهُ،فالجملةُ جاءتْ خبراً عن وقوعِ الحمدِ للهِ، وهي تتضمَّن الأمرَ بحمدهِ الذي هو مقتضَى الخبرِ؛ كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} فالجملةُ جاءتْ علَى صيغةِ الخبرِ والمرادُ بها أمرُ المطلقاتِ بالانتظارِ والتريُّثِ ثلاثةَ قروءٍ، وهذا الأسلوبُ مما يُعرفُ ولا يُنكرُ في لغةِ العربِ.
    ولفظُ الجلالةِ (الله) هوَ الاسمُ العَلَمُ على الذَّاتِ الإلهيَّةِ، وهو متضمِّنٌ صفةَ الأُلوهيَّةِ، فهوَ المعبودُ والمألوهُ بحقٍّ، فيكونُ من مقتضى التعبُّدِ للهِ بهذا الاسمِ أن لا تُصرفَ العبادةُ إلا لهُ، ومَنْ صرفَ شيئاً من عباداتهِ لغيرِ اللهِ فقدْ أشركَ بهِ في أُلوهيَّتهِ.
    وهذَا الاسمُ من الأسماءِ الحسنى الممنوعةِ، فلا يجوزُ أن يَتسمَّى به غيرُ اللهِ سبحانَهُ.
    واسمُ اللهِ (الربُّ) يعني: السَّيدَ المصلحَ المالكَ لخلقهِ والمتصرِّفَ فيهم(1)، وهو متضمِّنٌ لصفةِ الرُّبوبيَّةِ، الذي قد ربَّ خلقَهُ، فلا يَخرجُ أحدٌ عن ربوبيَّتهِ، ومن مقتضى التعبُّد للهِ بهذا الاسمِ أن لا يُنسبَ فعلٌ من أفعالِ الرُّبوبيَّة لغير اللهِ، فمن نَسَبَ لغيرِ اللهِ أمراً لا يقدرُ عليهِ إلا الله؛كإحياءِ الموتى، أو القدرةِ على الخَلْقِ، فقد أشركَ في توحيدِ الرُّبوبيَّة؛ لأنه نَسَبَ الأفعالَ المختصَّة بالربِّ لغيرهِ.
    وهذا الاسمُ ممَّا يجوزُ إطلاقهُ على العبادِ، لكنْ بالإضافةِ، فيقالُ: ربُّ الدَّارِ، وربُّ الدَّابَّةِ، وهكذا، لكنْ إطلاقُ لفظِ (الرَّبِّ) لا يكون إلا للهِ وحدَهُ.
    و{الْعَالَمِينَ} جمعُ عالَمٍ، ويشملُ كلَّ ما سِوى اللهِ من المخلوقاتِ؛ كعالَمِ الملائكةِ، وعالَمِ الجِنِّ، وعالَمِ الإِنْسِ، وعالَمِ الحيواناتِ، وعالَمِ الجماداتِ، وعالَمِ النباتاتِ،...الخ (2).
    وهذا يعني أنَّ ربوبيَّتهُ نافذةٌ في جميعِ من سِواهُ، إذْ كلُّهم مربوبونَ لَهُ، مقهورونَ لسلطانهِ، لا يُمكنُ لأحدٍ منهمْ أن يخرجَ عن ربوبِيَّتهِ.
    وتشيرُ جملةُ {رَبِّ الْعَالَمِينَ} وما بعدها من أسماءِ اللهِ وصفاتهِ إلى عِلَّةِ الحمدِ؛ فالحمدُ للهِ لأنَّه ربُّ العالمينَ، والحمدُ للهِ لأنه الرَّحمنُ الرَّحيمُ؛ والحمدُ للهِ لأنه مالكُ يومِ الدِّين.
    2- قولهُ تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} أيِ: الحمدُ للهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ، وهذانِ اسمانِ منْ أسماءِ اللهِ الحسنى مشتقَّانِ من الرحمةِ، ويتضمَّنانِ صفةَ الرَّحمةِ، وبينهمَا فرق في المعنى بنسبةِ ما بينهمَا من فرقٍ في النُّطقِ.
    فالرحمنُ على وزنِ فَعْلاَن، أي الذي بلغَ التمامَ والكمالَ في الرَّحمةِ، ومن آثارِ رحمانيَّتهِ أَنْ رَحِمَ الخلقَ كلَّهم، فلا يوجدُ مِنْ خَلْقهِ من لا تَظهرُ عليهِ آثارُ رحمانيَّةِ اللهِ، وهو كذلكَ الذي ترجعُ إليهِ جلائلُ النِّعمِ.
    وهوَ منَ الأسماءِ الحسنى التي لا يجوزُ أن يَتَسمَّى بها غيرُ الله (3) ، فمن زعم التَّسمِّي بها فقدْ أذلَّه اللهُ.
    وفي الجمعِ بينَ اسمَي (الرحمن) و(الرحيم) أقوالٌ لأهلِ العلمِ:
    أحسنُها: أنَّ (الرحمنَ) دالٌّ على الصفةِ القائمةِ بهِ سبحانَه، و(الرحيمُ)دالٌّ على تعلُّقِها بالمرحومِ، فالأوَّلُ للوصفِ، والثاني للفعلِ.
    فالأوَّل:دالٌّ على أنَّ الرحمةَ صفتُه.
    والثاني:دالٌّ على أنَّه يرحمُ خلقَه برحمتِه.
    ومما يبين ذلكَ:
    - قولُه تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}.
    - وقولُه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} ونظائرُها، ولم يأتِ قطُّ (رحمن بهم) فعُلمَ أنَّ(الرحمنَ) هو الموصوفُ بالرحمةِ، و(الرحيمَ) هو الراحمُ برحمتِه.
    واسمُ اللهِ (الرحيم) ممّا يجوزُ أن يوصفَ بهِ خَلْقُ اللهِ، لورودِ ذلكَ في الكتابِ والسنةِ، ومن ذلكَ: قولهُ تعالى في وصفِ نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} لكن لا يطلقُ معرَّفاً على غيرِ الله تعالى؛ فالرحمةُ من اللهِ لا تُماثِلُ الرَّحمةَ من المخلوقِ، فهي تليقُ بذاتِ الله الكاملِ المنزَّهِ عن صفاتِ النَّقصِ، وتلك تُناسبُ الإنسانَ بما فيهِ من النَّقصِ.
    3- وقولهُ تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} أي: الحمدُ للهِ مالكِ يومِ الدِّينِ.
    والمالكُ: الذي يتصرَّفُ في مُلكِه كما يشاءُ لا يردُّه أحدٌ عن ذلك، واللهُ سبحانَه لا يَشرَكُه أحدٌ ولا يمتنعُ عليه خلقُه في مالكيَّته لهذا اليومِ، كما قالَ تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} فبطل كل مُلْكٍ لغيرِه، ولم يبقَ إلا المَلِكُ الجبَّارُ سبحانهُ وتعالَى، ولذا خَصَّ يومَ الدِّين بالذِّكرِ، لخلوصِ مُلكيَّته ومالكيَّتهِ في هذا اليومِ.
    أمَّا في الدنيا، فما أكثرَ الملوكَ الآمرينَ، بلْ كلُّ الناس يدَّعون الملكَ كلٌّ بِحَسَبِهِ، لكنَّهم في نهايةِ الأمرِ عبادٌ أذلاَّءٌ مطيعونَ، لا يخرجونَ عن ملكِ اللهِ(4)، وملكُهم إضافيٌّ غيرُ حقيقي.
    4- قولهُ تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي:لا نتذلَّلُ ولا نخضَعُ إلاَّ لكَ يا رَبَّنا، ولا نطلبُ المساعدةَ والعونَ إلا منكَ.
    وتقديمُ {إِيَّاكَ} على الفِعْلَين يفيدُ الحصرَ والاهتمامَ، فهيَ في قوَّةِ: لا نعبدُ إلا الله، ولا نستعينُ إلا به(5).
    والعبادةُ غايةٌ، فهي متأخرةٌ في الوقوعِ، لكنْ قُدِّمت العبادةُ لبيانِ أهمِّيتها، ولأنَّها حقُّ اللهِ على عبيدهِ، فقدَّمها لمراعاةِ الأدبِ مع اللهِ في تقديمِ حقِّهِ على حظِّ العبادِ الذي هوَ الاستعانةُ(6)، ولِتكونَ مع النِّصْفِ الذي لله مواليةً له، ولبيانِ أنَّ أجلَّ ما يستعانُ اللهُ عليهِ عبادَتُه، ولتكونَ {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} متبوعةً بالدعاءِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} مناسبةً له، ولأنَّ العبادة حظ الألوهيَّةِ، والاستعانَةَ حظُّ الربوبيَّةِ، والألوهيَّةُ مقدَّمَةٌ على الربوبيَّةِ.
    ومن هذهِ الآيةِ يؤخذُ أنَّهُ لا يجوزُ صرفُ أيٍّ من أنواعِ العباداتِ لغيرِ الله، وأنَّ مَنْ صَرَفَ شيئاً منها لغير الله فقدْ وقعَ في الشِّركِ، وقد يكونُ شركهُ مُخرجاً عن الملَّة، وقد لا يكونُ، وذلكَ بالنَّظرِ إلى نوعِ الشِّركِ(7)، واللهُ أعلمُ.
    أمَّا الاستعانةُ، فهيَ في حقيقتِها من أنواعِ العبادةِ، ومن صَرَفَها فيمَا لا يقدرُ عليهِ إلا اللهُ فقدْ أشركَ، وبهذا تكونُ السُّورة قد أرشدَت إلى تمامِ التوحيدِ، وتجنُّبِ الشِّركِ باللهِ في أنواع التوحيد الثلاثة:الأسماء والصفات، والألوهيَّةِ، والربوبيَّةِ.
    5- قولهُ تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هذا ذكر لأَولى ما يستعان الله عليه، إِذْ هو أَجَلُّ مطلوبٍ وأعظمُ مرغوبٍ، وهو ابتداءُ طلبِ المؤمنينَ من ربِّهمْ، ودعائِهم إياهُ بأنْ يدلَّهم على هذا الطريقِ الذي لا اعوجاجَ فيهِ، ويُثبِّتهم ويُديمَهُمْ على سُلوكِه(Cool، وهذا هُو الطَّريقُ الحقُّ الذي ارتضاهُ الله: الإسلامُ(9) بما فيهِ منَ الشَّرائعِ والعباداتِ التي يحتاجُ كلُّ فرد منَّا إلى هدايةٍ خاصَّةٍ للقيامِ بها، نسألُ الله إعانَته ومغفرتَه.
    6- قولُه تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} أي: هذا الصِّراطُ الذي نطلبكَ سلوكَه والثَّباتَ عليهِ هو طريقُ من تفضَّلْتَ عليهم بالهدايةِ من النَّبيينَ والصِّدِّيقينَ والشهداءِ والصالحينَ، وهذا يبيِّنُ أَنَّ أعظمَ النِّعَمِ وأخصَّها نعمةُ الهدايةِ.
    7- قولُه تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} أيْ: وهذا الطريقُ الذي نسألكَ أن تدلَّنا عليهِ هو غيرُ طريقِ من استحقَّ غضبَكَ(10)، من اليهودِ الذينَ علِموا وتركوا العملَ بعلمهم، ومن استحقَّ البُعدَ والتِّيهَ عن عبادتِكَ من النَّصارى الذينَ جهلوا، وعبدوكَ بغيرِ ما شَرَعْتَ(11).
    (1) قال الطبريُّ في بيانِ معنى هذا الاسمِ الحسَنِ: (فربنا جلَّ ثناؤه: السيد الذي لاِشْبهَ له ولا مثيل في سؤدده، والمصلح أمْرَ خلقه بما أسبغ عليهم نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر).
    (2) وَرَدَ تفسيرُ السَّلفِ للعالَمينَ على النحو الآتي:
    العالمين : الخلق كلُّه: السماواتُ والأرضونَ ومن فيهنَّ وما بينهنَّ، مما يُعلمُ ولا يُعلم، وهذا عن ابن عباس من طريق الضحاك.
    وعن سعيد بن جبير ومجاهد وابن جريج: الإنسُ والجنُّ.
    وعن أبي العاليةِ قال: (الإنسُ عالَم، والجنُّ عالم، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم، أو أربعة عشر ألف عالم من الملائكة على الأرض...).
    ومجموع ذلك الوارد عنهم يدلُّ على ما ذكرتُ من أنَّ العالمين ما سوى الله سبحانه.
    (3) ذَكَرَ الطبريُّ عن الحسنِ البصريِّ أنه قالSadالرحمن اسم ممنوع) ثمَّ قال الطبري معلقاً على قولِ الحسنِSadمع أن إجماع الأمة على منعِ التَّسَمِّي به في جميع الناس، ما يغني عن الاستشهاد على صحة ما قلنا في ذلك بقولِ الحسنِ وغيره).
    (4) في قوله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قراءتان:
    الأولى: {مَالِكِ} بإثبات الألف.
    والثانية: {مَلِكِ} بحذف الألف، وقد ذُكر في الفرق بينهما معانٍ من أجودها:
    - أنَّ (الملِكَ): الذي يملك، وقد يشاركه في تصريف ملكه غيره.
    - و(المالك): الذي يتصرف في ملكه مباشرة، هذا من جهة اللغة.
    أمَّا في حقِّ الله تعالى: فله تمام الملك والمالكية، لا يتصرف في ملكه أحدٌ إلا بإذنه، ولا يخرج أحد عن طوْعِه وملكِه، كائناً من كان، والله أعلم.
    (5) وعند منتصف هذه الآية، عند قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ينتهي ما لله في هذه السورة، على الواردِ في حديثِ: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ فإذا قال العبد:{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله: حَمِدني عبدي. وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال: أثنى عليَّ عبدي.وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: مجَّدني عبدي.فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال الله: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ...} قال الله: هذه لعبدي ولعبدي ما سأل)).
    (6) العبادةُ أشرفُ مواطنِ الخلقِ، لذا وصف الله بها نبيَّه في أشرفِ المواطنِ، في موطنِ الإسراء والإيحاء والدعاء:
    - قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً}.
    - وقال: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}.
    - وقال: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}.
    وهذان الحالان وهما الإسراء والمعراج، أعلى ما بلغهما إنسان، ومع ذلك لم يذكر الله تعالى نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم بغير صفة العبودية، وهذا يدلُّ على أنها أشرف مقامات العبد، كما قال الشاعر:


    وممــــا زادنــي شــرفـاً وتيها = وكِدْتُ بـأخـمصي أطأ الثريا
    دخولي تحت قولك يا عبادي = وأن صيَّرت أحـمـدَ لـي نبيـا

    (7) صورُ الشركِ تتَجَدَّدُ في كلِّ حينٍ، فَلأَن لم تظهرْ لكَ عبادة الأصنام والأوثان، فكم من وثنٍ عُبدَ من دون الله، وقُدِّم على حقوق الله.
    ولَئِن كان آزرُ يصنعُ التماثيلَ ويَضِلُّ بها ويُضلُّ، فكم من الناس اليوم يُضلون بآزريةٍ جديدة، وليس أمثلَ لذلكَ من مثالٍ بهذه الأفلامِ التي يروجها طغامٌ من الناس، ليس فيها إلا ما يغضبُ الله ويسخطهُ من الاعتداء على شرعه وخلقه وذاته العليَّةِ، فتأمَّل الحالَ في ذلكَ، وقسْ عليهِ غيرَه من الشركيَّاتِ التي تحتاجُ إلى مجدِّدٍ يتكلَّم عنها ويحرِّرُها، والله المستعان.
    (Cool فَسَّرَ بعضُهم الهدايةَ بأنَّها التثبيتُ على الإسلامِ، وهذا تفسيرٌ ببعضِ المعنى، ومقصودُ من فسَّرَها كذلك: الفرارُ من إشكالٍ مفادُه: كيفَ يسألُ المسلمُ أو المصلِّي الهدايةَ وقد اهتدى؟
    والإجابةُ عن ذلكَ:أنَّ العبدَ بحاجةٍ إلى معرفةِ الهدايةِ إجمالاً وتفصيلاً، علماً وعملاً، ومعرفةِ ما يضادُّ ذلكَ، في كلِّ الأوقاتِ، فليسَ من هُدِيَ إلى الإسلامِ قدْ هُدِيَ إلى كلِّ شرائعِهِ وعَلِمَها، وإِنْ عَلِمَها فقدْ لا يعملُ بها أو ببعضِها، وقد لا يثبتُ على ذلكَ، فهو بحاجةٍ إلى الهدايةِ وسؤالِ اللهِ إِيَّاها كلَّ طرفةِ عين.
    (9) وردَ في تفسيرِ الصراطِ عباراتٌ للسَّلَفِ، فقيلَ: الصراط المستقيم:
    - القرآن.
    - وقيل: الإسلام.
    وقيل غير ذلك، وهذه الأقوال متلازمةٌ، فالقرآن ذكر شرعة الإسلام فيه، والإسلام كتابه القرآن، وطريق أبي بكر وعمر هو الإسلام، وكتابهم الذي يتبعونه هو القرآن، وهكذا غيرها من الأقوال، والله أعلم.
    (10) في هذه الآيةِ ثبوتُ صفةِ الغضبِ لله سبحانَه، وهي صفةٌ تُثبتُ على ما يليق بالله جلَّ في علاه، بلا تحريفٍ ولا تمثيل.
    وقد جاء نسب هذه الصفة إليه على المفعولية، وفي ذلك أدبٌ في الخطاب مع الله بحيث لا يُنسبُ إليه ما ظاهره شرٌّ أو غير محبوب، بخلاف النعمة، فقد أُسندتْ إليه بقوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، وعلى هذا جرى العارفون بالله في خطاباتهم، ومن ذلك ما ذكره الله عن إبراهيم عليه السلام:{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} فنسب الإطعام والسقيا له؛ لأنها خيرٌ محض، ولم ينسب إليه المرض لما فيه من الشر، والله أعلم.
    وقد ذكر اليهودَ بصفة الغضب؛ لأنها أوضحُ ما فيهم، وأخصُّ بهم، ولا يعني هذا انتفاء صفة الضلال عنهم، قال تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة:60] فوصفهم في هذه الآية بأنهم مغضوب عليهم وبأنهم ضالون.
    (11) ذكر الله النصارى بأنهم أهل ضلال؛ لأن هذه الصفة أظهر فيهم، وقد ورد وصفهم بها، كما وُصفَ بها غيرهم.
    وتفسير المغضوب عليهم باليهود والضالين بالنصارى، قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع عليه السلف، كما ذكره الطبري وابن أبي حاتم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 7:22 pm