1- عن أميرِ المؤمنينَ أبي حفصٍ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ(إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
رواه إماما المحدِّثينَ: أبو عبدِ اللهِ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ المغيرةِ ابنِ بَرْدِزْبَه البُخاريُّ.
وأبو الحُسَيْنِ مسلِمُ بنُ الحجَّاجِ بنِ مُسلمٍ القُشيْريُّ النَّيْسَابوريُّ في (صحيحيهما) اللَّذين هما أصحُّ الكتُبِ الْمُصَنَّفةِ.
رواه إماما المحدِّثينَ: أبو عبدِ اللهِ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ المغيرةِ ابنِ بَرْدِزْبَه البُخاريُّ.
وأبو الحُسَيْنِ مسلِمُ بنُ الحجَّاجِ بنِ مُسلمٍ القُشيْريُّ النَّيْسَابوريُّ في (صحيحيهما) اللَّذين هما أصحُّ الكتُبِ الْمُصَنَّفةِ.
**********************************************************************************************
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ حَمْدًا يَلِيقُ بهِ، والصلاةُ والسلامُ على حَبِيبِهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، أَمَّا بَعْدُ:
فهذا شرحٌ لطيفٌ على (الأربعينَ) الأحاديثِ التي جَمَعَهَا الفقيهُ مُحْيِي الدينِ أبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ الشافعيُّ الزاهِدُ الوَرِعُ.
تَرْجَمَةُ الصَّحابيِّ رَاوِي الحَديثِ:
أميرُ المؤمنينَ أَبو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ -رَضيَ اللهُ تَعالى عنْهُ-، ابنِ نُفَيْلِ بنِ عبْدِ العُزَّى العَدَوِيُّ القُرَشِيُّ.
يَجْتَمِعُ معَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كعبِ بنِ لُؤَيٍّ.
كُنْيَتُهُ: أبو حَفْصٍ.وَلَقَبُهُ: الفاروقُ لِفُرْقَانِهِ بينَ الحقِّ والباطلِ بإِسْلاَمِهِ؛ إِذْ أَمْرُ المسلِمينَ كانَ قبْلَهُ على غايةِ الخَفَاءِ، وبعدَهُ على غايةِ الظُّهُورِ.
أَسْلَمَ بعدَ أربعينَ رَجُلاً وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً سَنَةَ ستٍّ منَ النُّبُوَّةِ.
وَبُويِعَ لَهُ بالخلاَفةِ يومَ موتِ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، يومَ الثُّلاَثَاءِ، لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثلاثَ عَشْرَةَ مِنَ الهجرةِ.
وَمَاتَ شَهِيدًا في المدينَةِ، يومَ الأربِعاءِ لأربعٍ من ذِي الحِجَّةِ سنَةَ ثَلاثٍ وعِشْرِينَ منَ الهِجْرَةِ، وهُوَ ابنُ ثلاثٍ وستِّينَ على الصَّحِيحِ.
الشَّرحُ:
قالَ مُنْفَرِدًا عنْ غَيرِهِ بهذَا الحديثِ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حالَ كَوْنِهِ يَقُولُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) أَيْ: لا عِبْرَةَ للأعمالِ التي يُمْكِنُ أَنْ تكونَ مَحَلاًّ لِلثَّوَابِ عندَ اللهِ تَعَالَى إلاَّ بالنِّيَّاتِ.
فالمطْلُوبَاتُ:
- إنْ عُمِلَتْ للهِ تَعَالَى قُبِلَتْ.
- وإنْ عُمِلَتْ لغيرِهِ رُدَّتْ، وَرُبَّمَا اسْتَحَقَّ عامِلُها العِقَابَ.
- وإِنْ خَلَتْ عَن النِّيَّةِ صَارَتْ عَبَثًا.
والمُباحاتُ التي يُمْكِنُ أنْ يُتَوَصَّلَ بِهَا إلى الخَيْرات:
- إنْ فُعِلَتْ للتَّوصُّلِ إلى الشَّرِّ كانَتْ وَبَالاً على أَرْبَابِهَا.
- وإنْ خَلَتْ عنِ النِّيِّةِ كانَتْ عَبَثًا.
والمَنْهِيَّاتُ:
- إنْ تُرِكَتْ للهِ كانتْ حَسَنَاتٍ.
- وإنْ تُرِكَتْ لِغَيْرِهِ كانتْ مُهْمَلَةً.
- وإنْ فُعِلَتْ للهِ يُخَافُ على فَاعِلِهَا ذَنْبٌ عظيمٌ.
(( وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)) لا مَا نَوَى غَيْرُهُ؛ لأنَّ عَمَلَ كلِّ عاملٍ مُعْتَبَرٌ بِنِيَّتِهِ لا بِنِيَّةِ غَيْرِهِ.
فمِنْ هُنَا إذا عَرفْتَ ما تَقَدَّمَ، فَاعْلَمْ أنَّ: ((مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ)) تَرْكُهُ دارَ الكُفرِ والعصْيَانِ، للتَّوَجُّهِ ((إِلَى-مَحَلِّ رِضَا- اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ)) لا إلى غَيْرِهَا، وهُو مَمْدُوحٌ على ذلكَ في الأُولَى والعُقْبَى، وَمُثَابٌ عليْهَا جَزَاءً حَسَنًا.
(( وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا))
-مِنْ غيرِ تَنْوِينٍ- ((دُنْيَا يُصِيبُهَا)) أيْ: يَقْصِدُ حُصُولَهَا أَصَابَهَا، أو لمْ يُصِبْهَا.
(( أَوْ)): كانَتْ هِجْرَتُهُ ((لاِمْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا)) يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَوْ لاَ، وإنَّمَا خَصَّ نِكَاحَ المرأةِ مع أنَّهُ منَ الدُّنيا؛ لأنَّه من أعظمِ أُمورِهَا ومَقَاصِدِهَا، وهذا مِن بابِ التخصيصِ بعدَ التعميمِ.
((فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)) من الدُّنْيَا والمَرْأَةِ، لا إلى اللهِ ورسولِهِ، وهوَ مَلُومٌ عليها غيرُ مُثَابٍ.
وهذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ من أصولِ الدينِ، يَنْبَغِي لكلِّ عبدٍ أنْ يُرِيدَ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى في أعمالِهِ مُجَانِبًا عَمَّا سِوَاهُ؛ إِذ المُخْلِصُ رابحٌ والمُرَائِي خَاسِرٌ، ولا يَتَأَتَّى الإخلاصُ إلاَّ مِمَّنْ يَعْلَمُ عَظَمَةَ اللهِ تَعَالى وَمُرَاقَبَتَهُ عَلى خَلْقِهِ.
_______________________________________________________________________________________________
لحمدُ للَّهِ الذي علَّمَ بالقلمِ، علَّمَ الإنسانَ ما لمْ يَعْلَمْ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، الذي أسبغَ علينا النِّعَمَ وجعَلَنَا منْ خيرِ الأُممِ، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنَا مُحَمَّداً عبْدُهُ ورسُولُهُ، رفَعَ اللَّهُ بهِ عن الأُمَّةِ السَّقَمَ، وأزالَ الصَّمَمَ، صَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عليهِ كُلَّمَا زادَ العِلْمُ وقلَّ الجَهْلُ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَن اتَّبَعَ هُدَاهُ إلى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ حاجةَ الناسِ اليومَ إلى العلمِ الشَّرْعِيِّ الذي يُنَوِّرُ البصائرَ، ويُلِينُ القلوبَ، ويَهْدِي إلى الصراطِ المستقيمِ، فهوَ زادُ الأرواحِ، وخيرُ الأرباحِ، والدليلُ على الفلاحِ.
وقدْ أنزلَ اللَّهُ الكُتُبَ للعلمِ والتعليمِ، وأرسلَ الرُّسلَ مُعَلِّمِينَ، ورفَعَ قَدْرَ العلماءِ، قالَ تعالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المُجَادَلَة: 11].
وخيرُ المَعادنِ مَعادِنُ العُلماءِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: ((... فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَنِي، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا)).
وقالَ: ((مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)).
وتعليمُ العلمِ مِنْ أعظمِ القُرُبَاتِ إلى اللَّهِ تعالى؛ لأنَّ الإنسانَ يَنَالُ بهِ الخشيَةَ، قالَ تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: 28].
ويَكْثُرُ بهِ الأجرُ، قالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً)).
ويَدومُ بهِ العملُ، قالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لهُ)).
ولأهَمِّيَّةِ العلمِ والتعليمِ سَاهَمْتُ بجُهْدِ المُقِلِّ، إذْ قُمْتُ بشرحِ (الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ) في دَوْرَاتٍ علميَّةٍ في أَبْهَا ومُحَافَظَاتِهَا، وقدْ طَلَبَ مِنِّي الكَثِيرُ منْ طُلاَّبِ العلمِ إخراجَ هذا الشرحِ في كتابٍ؛ ليكونَ أحفظَ للعلمِ وأَدْعَى إلى نَشْرِهِ وتيسيرِ الحصولِ عليهِ، فَأَجَبْتُ لذلكَ، وسَمَّيْتُهُ: (الْمِنَنُ الرَّبَّانِيَّةُ فِي شَرْحِ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ).
أَسْأَلُ اللَّهَ أنْ يَنْفَعَ بهذا العلمِ، وأنْ يَجْعَلَهُ خالصاً لوجْهِهِ الكريمِ، وأنْ يجْعَلَهُ من العملِ الذي لا يَنْقطِعُ، وصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ.
قالَه بِلِسَانِهِ وكَتَبَهُ بقَلَمِهِ الفقيرُ إلى عَفْوِ رَبِّهِ سَعْدُ بنُ سَعِيدٍ الحَجَرِيُّ
أَبْهَا آلُ غَلِيظٍ 11/5/1422هـ
--------------------------------------------------------------------------------
وأُحِيطُ القارئَ عِلْماً أَنَّنِي لمْ أُورِدْ إلاَّ حديثاً صحيحاً، وإنْ لَمْ تَثْبُتْ صِحَّتُهُ حَذَفْتُهُ أوْ بَيَّنْتُ عِلَّتَهُ، وقد اجْتَهَدْتُ في ذلكَ ما اسْتَطَعْتُ، وما تَوْفِيقِي إلاَّ باللَّهِ عليهِ تَوَكَّلْتُ وإليهِ أُنِيبُ.
بِسْمِ اللَّهِ الَّرحْمَنِ الرَّحِيمِ(المِنَنُ الرَّبَّانِيَّةُ في شرحِ الأربعينَ النَّوَوِيَّةِ)
سُمِّيَت (الأربعينَ النَّوَوِيَّةَ)؛ لأنَّها جُمِعَتْ من اثْنَيْنِ وأربعينَ حديثاً، والذي دَعَا المُؤَلِّفَ إلى جَعْلِهَا أربعينَ فقطْ؛ إشارةً إلى حديثٍ ضعيفٍ، وهوَ: ((مَنْ حَفِظَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثاً مِنْ أَمْرِ دِينِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةِ الْفُقَهَاءِ)).
واعْتَذَرَ بعدَ ذلكَ لضعفِ الحديثِ، وقالَ: (مَا فَعَلْتُ ذلكَ إلاَّ لحديثِ: ((لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)).
ولحديثِ: ((نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا))).
وقدْ زادَ عليها ابنُ رَجَبٍ ثمانيَةَ أحاديثَ في (جَامِعِ العُلُومِ والحِكَمِ)؛ ليكونَ المجموعُ خمسينَ حَدِيثاً.
ترجمةُ الإمامِ النَّوَوِيِّ:
هوَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ شَرَفِ بنِ مَقْرِي بنِ حسنٍ النَّوَوِيُّ نسبةً إلى نَوَى، وهيَ قريَةٌ منْ قُرَى حَوْرَانَ فيسُورِيَّا، وُلِدَ في شهرِالمُحَرَّمِمن العامِ الواحدِ والثلاثينَ بعدَ السِّتِّمِائَةِ لِلْهِجْرَةِ منْ أَبَوَيْنِ صَالحيْنِ، وقدْ جدَّ في الطلبِ حتَّى حازَ قَصَبَ السَّبْقِ في ذلكَ.
وقدْ تَمَيَّزَتْ حَيَاتُهُ بثلاثةِ أُمُورٍ:
أَوَّلاً: العلمُ.
وتَمَيَّزَ عِلْمُهُ بثلاثةِ أُمُورٍ:
1- الجِدُّ في طلبِ العلمِ قِراءةً وسماعاً وتِرْحَالاً، حتَّى وَجَدَ لَذَّاتِهِ، وكانَ لهُ في اليومِ اثْنَا عشرَ دَرْساً.
2- سَعَةُ عِلْمِهِ وثَقَافَتِهِ؛ إذْ إنَّ لهُ دُرُوساً في مُخْتَلَفِ الفُنونِ.
3- غَزَارَةُ إِنْتَاجِهِ وتَأْلِيفِهِ، فَلَهُ (شَرْحُ مُسْلِمٍ)، و(المجْمُوعُ)، و(رِيَاضُ الصالحِينَ)، و(الأرْبَعِينَ)، وغَيْرُها.
ثانياً: الزُّهْدُ في الدُّنيا بجميعِ ما فيها والعملُ للآخرةِ.
ثالثاً: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ والدعوةُ إلى اللَّهِ تعالى.
وَفَاتُهُ:
تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ بعدَ السِّتِّمِائَةِ لِلْهِجْرَةِ، فلمْ يُعَمَّرْ سِوَى خمسٍ وأربعينَ سنةً.
***
الحديثُ الأوَّلُ
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))، مُتَّفَقٌ عليهِ.
مَكَانَةُ الحديثِ ومَنْزِلَتُهُ في الدِّينِ:
قِيلَ: هذا الحديثُ نِصْفُ الدِّينِ، والآخرُ حَدِيثُ: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ))؛ لأنَّ هذا الحديثَ يَتَعَلَّقُ بالباطنِ، وحديثَ عائشةَ -رَضِيَ اللَّهُ- عَنْهَا يَتَعَلَّقُ بالظاهرِ.
وقيلَ: بلْ هوَ ثُلُثُ الدِّينِ معَ حديثِ: ((الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ...))الحديثَ.
وقيلَ: رُبْعُهُ
معَ حديثِ: ((يُجْمَعُ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً نُطْفَةً...)) الحديثَ.
وقيلَ غيرُ ذلكَ.
وهذا الحديثُ يُمَثِّلُ الشرطَ الأَوَّلَ منْ شُرُوطِ قَبُولِ العملِ، وهوَ الإخلاصُ للَّهِ ربِّ العالمينَ.
تَرْجَمَةُ الرَّاوِي:
هوَ أميرُ المؤمنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلٍ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهُ، أسلمَ في السنةِ السادسةِ مِن البَعْثةِ بعدَ حمزةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ منْ تَأَثُّرِهِ بالقرآنِ، وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وكانَ وَرِعاً تَقِيًّا شُجاعاً.
وافقَ رَبَّهُ في ثلاثةِ مَوَاضِعَ:
- في المَقَامِ.
- والحِجابِ.
- وأَسْرَى بَدْرٍ.
وقيلَ: في قولِهِ تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ}الآيَةَ [التحريم: 5].
تولَّى الخلافةَ بعدَ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ. وهوَ:
- أَوَّلُ خليفةٍ دُعِيَ بأميرِ المؤمنينَ.
- وأَوَّلُ مَنْ أرَّخَ بالهجرةِ.
- وأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الناسَ على صلاةِ التراويحِ.
- وأَوَّلُ مَنْ عَسَّ (وَهِيَ: حراسةُ المدينَةِ).
- وأَوَّلُ مَنْ حملَ الدِّرَّةَ وأدَّبَ بها، وفتحَ الفتوحَ ودَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، ومَنَاقِبُهُ كثيرةٌ.
اسْتُشْهِدَ في العامِ الثالثِ والعشرينَ من الهجرةِ على يَدِ المَجُوسِيِّ أبي لُؤْلُؤَة.
موضوعُ الحديثِ:
أَهَمِّيَّةُ النِّيَّةِ في العملِ.
المُفْرَدَاتُ:
(أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ) لَقَبٌ يُلَقَّبُ بهِ الخليفةُ الذي يَتَوَلَّى إِمْرَةَ المؤمنينَ.
ويُقالُ:
- هِرَقْلُ لِمَلِكِ الرُّومِ.
- وكِسْرَى لِمَلِكِ الفُرْسِ.
- وفِرْعَوْنُ لِمَلِكِ مِصْرَ.
- والنَّجَاشِيُّ لِمَلِكِ الحبشةِ.
- وتُبَّعٌ لِمَلِكِ اليمنِ.
(أبي حَفْصٍ) الحفصُ هوَ: الأَسَدُ، ويُقالُ لهُ: أبو الحارثِ، وهوَ كُنْيَةٌ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ؛ لِشَجَاعَتِهِ وإِقْدَامِهِ؛ إذْ حَتَّى الجِنُّ تَهَابُهُ وتَفِرُّ منهُ وتَسْلُكُ غيرَ سَبِيلِهِ.
(رَضِيَ اللَّهُ عنهُ) هذا خبرٌ بِرِضْوَانِ اللَّهِ تعالى عليهِ:
- لأنَّهُ مُبَشَّرٌ بالجَنَّةِ.
- ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى قَصْرَهُ في الجَنَّةِ.
- ولأنَّ اللَّهَ تَعَالَى قالَ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ...} الآيَةَ [الفتح: 18]، وكانَ عمرُ منهم.
(سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ)
(سَمِعْتُ) إِحْدَى صِيَغِ أداءِ الحديثِ، بلْ هيَ أَعْلاها وأقْوَاها وأَثْبَتُها، ومِثْلُها حَدَّثني.
- ويَلِيهَا: قَرَأْتُ على الشيخِ ، وأَخْبَرَنِي قراءةً عليهِ وأَخْبَرَنِي.
- ويَلِيهَا: قرأَ عليهِ وأنا أَسْمَعُ وقَرَأْنَا عليهِ وأَخْبَرَنَا.
- ويَلِيهَا: أَخْبَرَنِي إِجَازَةً وحَدَّثَنِي إجازةً وأَنْبَأَنِي عنْ فلانٍ...
(إِنَّمَا): أداةُ حصرٍ تفيدُ ثبوتَ الحكمِ في المحصورِ وتُقَوِّي الحكمَ المذكورَ بعْدَها وتُؤَكِّدُهُ.
والحصرُ: هوَ تخصيصُ شيءٍ بشيءٍ.
(الأعمالُ): جَمْعُ عملٍ، و(أَلْ) للجِنْسِ؛ أيْ: جنسِ الأعمالِ، فَتَدْخُلُ فيهِ جميعُ الأعمالِ.
والعملُ: هوَ ما يَقومُ بهِ الإنسانُ مِنْ قولٍ أوْ فعلٍ أوْ تَرْكٍ مقصودٍ، مثلُ قراءةِ القرآنِ، والوضوءِ، وتركِ السرقةِ قَصْداً.
(بِالنِّيَّاتِ): جمعُ نِيَّةٍ.
والنِّيَّةُ: هيَ القصدُ؛ أيْ: يَقْصِدُ الشيءَ مُقْتَرِناً بعَمَلِهِ، فقدْ يَقْصِدُ بالعملِ رِيَاءً أوْ سُمْعَةً أوْ مَالاً أوْ مَنْصِباً أوْ دُنْيَا أوْ غَيْرَها.
ومَحَلُّ النِّيَّةِ القلبُ، فلا تَخْرُجُ من القلبِ، ولوْ تَلَفَّظَ بها لكانَ مُبْتَدِعاً، فلا يقولُ: نَوَيْتُ الصلاةَ أوِ الزكاةَ أوْ نَحْوَهَا.
والباءُ للمُصَاحَبَةِ؛ أيْ: أنَّ النِّيَّةَ تُصَاحِبُ العملَ.
فلا يُرادُ من الوضوءِ النظافةُ بل العبادةُ، وأنْ يكونَ لِلَّهِ.
ولا يريدُ بالصلاةِ الرياضةَ.
ولا بالصومِ التخفيفَ من الوزنِ.
ولا بالحَجِّ السياحةَ والنُّزْهةَ، وإنَّما لأجلِ اللَّهِ تعالى.
وقدْ رُوِيَت (بِالنِّيَّةِ) بلفظِ الإفرادِ، و(أَلْ) فيها للجنسِ، وليسَ المرادُ بها العهدَ ولا التعريفَ بمعنى الجمعِ.
والنِّيَّةُ تقعُ في كلامِ العلماءِ بمَعْنَيَيْنِ:
أَوَّلاً: تمييزُ العباداتِ بَعْضِها عنْ بعضٍ؛ كَتَمْيِيزِ الظُّهْرِ عن العَصْرِ، والفرضِ عن النفلِ، ونحوِ ذلكَ.
ثانياً: تمييزُ المقصودِ بالعملِ هلْ هوَ للَّهِ وَحْدَهُ أمْ لغَيْرِهِ؟
(وإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)
(امْرِئٍ) أيْ: إنسانٍ، فيَشْملُ الذَّكَرَ والأُنْثَى.
ولا يَخْتَصُّ بالذَّكَرِ؛ لأنَّ الأحكامَ عامَّةٌ للمُكَلَّفِينَ.
(مَا نَوَى): أي: الذي نَوَى وقصدَ، فإنْ أرادَ عبادةً كانتْ عبادةً، وإنْ أرادَ غيرَ ذلكَ فهوَ بِنِيَّتِهِ.
(فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ)
الهِجرةُ في اللُّغةِ: التَّرْكُ،مِنْ قَوْلِكَ: هَجَرْتُ كذا؛ أيْ: تَرَكْتُهُ.
وشَرْعاً: مُفَارَقَةُ دارِ الكُفْرِ إلى دارِ الإسلامِ خوفَ الفتنةِ على الدِّينِ.
وأقسامُ الهجرةِ ثلاثةُ أقسامٍ:
أَوَّلاً: هجرةُ المَكانِ، إذا انتقلَ المسلمُ منْ بلدِ الكفرِ أوْ بلدِ الفسوقِ والعصيانِ إلى بلدٍ لا يكونُ فيهِ شيءٌ منْ ذلكَ.
وتكونُ واجبةً إذا كانَ الإنسانُ لا يَسْتَطِيعُ إظهارَ دِينِهِ.
أَمَّا إذا كانَ يستطيعُ فلا تَجِبُ، بلْ تكونُ مُسْتَحَبَّةً.
وأَمَّا عكسُ الهجرةِ وهوَ الانتقالُ منْ بلدِ الإسلامِ إلى بلدِ الكفرِ
فَيَجُوزُ بثلاثةِ شروطٍ:
(أ) أنْ يكونَ عِنْدَهُ علمٌ يَدْفَعُ بهِ الشُّبُهَاتِ، ويَدْحَضُ بهِ حُجَجَ الأعداءِ، ويُظْهِرُ بهِ دِينَ الحقِّ.
(ب) أنْ يكونَ عِنْدَهُ دِينٌ يَحْمِيهِ من الشَّهَوَاتِ.
(ج) أنْ يكونَ في حاجةٍ إلى ذلكَ؛ كالمرضِ أوْ عِلْمٍ لا يُوجَدُ إلاَّ في بلدِ الكفرِ والحَاجَةُ تَدْعُو لهُ، أوْ ما شَابَهَ ذلكَ.
ثانياً: هِجْرةُ العملِ، وهوَ أنْ يَهْجُرَ الإنسانُ ما نَهَى اللَّهُ عنهُ مِن المعاصي والفُسوقِ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ)).
ثالثاً: هِجْرةُ العاملِ؛ أيْ: هَجْرُ الإنسانِ لأهلِ المعاصي.
وهذهِ قدْ تَجِبُ إذا تَرَتَّبَ عليها مَصْلَحَةٌ
كهجرِ أهلِ الفسوقِ والعصيانِ الذينَ يُجَاهِرُونَ بالمعصيَةِ، وأَمَّا إذا لمْ يَتَرَتَّبْ مصلحةٌ فلا.
والمُهَاجِرُ أقسامٌ:
(أ) مَنْ هاجَرَ مِنْ بَلَدِ الكُفْرِ إلى بلدِ الإسلامِ يريدُ اللَّهَ والدارَ الآخرةَ،
فهوَ المؤمنُ باللَّهِ حَقًّا والمُخْلِصُ في هِجْرَتِهِ.
(ب) مَنْ هاجرَ لأجلِ مالٍ؛ إذْ سَمِعَ بِوُجُودِ رِبْحٍ في بلدِ الإسلامِ، فَهِجْرَتُهُ للمالِ.
(ج) مَنْ هَاجَرَ لأجلِ امرأةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ للنِّكَاحِ.
(إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ): أيْ: إلى دِينِ اللَّهِ تعالى والوصولِ إلى رِضْوَانِهِ والجَنَّةِ.
(وَرَسُولِهِ): المرادُ بهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
ومعنى الهجرةِ لهُ:
- في حَيَاتِهِ: أيْ: صُحْبَتُهُ والتَّعَلُّمُ منهُ والاقتداءُ بهِ ونُصْرَتُهُ.
- وأَمَّا بعدَ مَوْتِهِ: فالهجرةُ إلى اتِّبَاعِهِ ومكانِ إقامةِ شَرْعِهِ.
(فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ)
أيْ: قدْ بَلَغَ الغايَةَ التي لا أَسْمَى منها ولا أجلَّ، وهيَ الوصولُ إلى اللَّهِ ورسُولِهِ.
وفي هذا دَلالةٌ على أنَّ مَنْ أرادَ اللَّهَ ورسُولَهُ فهوَ بِنِيَّتِهِ، ومَنْ أرادَ غيرَ اللَّهِ فهوَ بِحَسَبِ نِيَّتِهِ.
(دُنْيَا يُصِيبُهَا) الدُّنْيَا: هيَ الحياةُ الأُولَى مِنْ حياةِ الإنسانِ.
ولهُ حَيَاتَانِ:
حياةٌ أُولَى: وهيَ الدُّنْيَا وهيَ دارُ العملِ، وَمَنْ سَخَّرَهَا للآخرةِ نَجَا، وَمَن اغْتَرَّ بها هَلَكَ؛ لأنَّها مَتاعُ الغُرُورِ، ولأنَّها لَعِبٌ ولَهْوٌ، ولأنَّها كَالسَّرَابِ، وهيَ مَعْبَرٌ وَمَمَرٌّ.
وسُمِّيَتْ دُنْيَا:
- من الدُّنُوِّ: وهوَ القُرْبُ.
- أوْ لِدَنَاءَتِهَا؛ إذْ هيَ كَظِلِّ شجرةٍ أوْ كسحابةِ صَيْفٍ.
وهيَ سِتَّةُ أشياءَ:
- طَعَامٌ.
- وشَرَابٌ.
- ولِبَاسٌ.
- ومَشْمُومٌ.
- ومَنْكُوحٌ.
- ومَرْكُوبٌ.
ومعنى (يُصِيبُهَا) أيْ: يَنالُ منها مالاً أوْ شَرَفاً أوْ رِيَاسَةً أوْ غيرَ ذلكَ.
(أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا): المرأةُ: هيَ الأُنْثَى مِن البَشَرِ.
والنكاحُ: هوَ الزَّوَاجُ.
وهوَ لُغَةً: الضَّمُّ والجمعُ بينَ الشَّيْئَيْنِ، ويُطْلَقُ:
- على العَقْدِ.
- وعلى الوَطْءِ.
وكلُّ نِكَاحٍ في القرآنِ فهوَ بمَعْنَى العَقْدِ، إلاَّ قَوْلَهُ تعالَى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ}[البقرة: 230]، فالمُرَادُ بهِ الوَطْءُ.
وَاصْطِلاحاً: عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ الصحيحُ.
وخَصَّ المرأةَ معَ أنَّها مِنْ مَتاعِ الدُّنْيَا؛ لكثرةِ تَعَلُّقِ الرغباتِ فيها، فكأنَّها هيَ في كِفَّةٍ وسائرَ متاعِ الدُّنيا في كِفَّةٍ.
(فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هاجرَ إِلَيْهِ): أيْ: فَهِجْرَتُهُ إلى الدُّنيا والمَرْأةِ.
ولَمْ يُعِدْ ذِكْرَهُمَا كذِكْرِ الهجرةِ إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ؛ تَحْقِيراً لشَأْنِهِمَا في أنْ يَكُونَا مُرَادَ المهاجرِ، وبَيَاناً لانحطاطِ مَرْتَبَةِ مُرِيدِهِما بالهجرةِ.
الفوائدُ:
1- جَوَازُ التَّكَنِّي ببعضِ الحيواناتِ التي تَحْمِلُ صفاتٍ حَمِيدةً.
2- مَشْرُوعِيَّةُ التَّرَضِّي عن الصَّحَابَةِ خَبَراً، وعنْ غَيْرِهِم إِنْشَاءً.
3- وجوبُ إتقانِ الرَّاوِي في رِوَايَتِهِ.
4- النِّيَّةُ رُكْنٌ في جميعِ الأعمالِ.
5- أنَّ النِّيَّةَ بالقصدِ فقطْ لا باللفظِ.
6- النهيُ عن التَّلَفُّظِ بالنِّيَّةِ؛ لأنَّ ذلكَ مِن البِدَعِ.
7- الحَثُّ على إِخْلاصِ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى.
8- الإِخْلاصُ عَلامَةٌ مِنْ علاماتِ قَبُولِ العملِ.
9- عدمُ الإخلاصِ علامةٌ على رَدِّ العملِ.
10- التحذيرُ منْ إرادةِ الدُّنيا بعملِ الآخرةِ.
11- الناسُ يَتَفَاوَتُونَ في نِيَّاتِهِمْ، ولِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
12- أفضلُ الهجرةِ ما كانَ مِنْ أَجْلِ اللَّهِ.
13- فَضْلُ شَدِّ الرِّحَالِ لِنَيْلِ رِضْوَانِ اللَّهِ.
14- مَشْرُوعِيَّةُ الانتقالِ إلى أهلِ العلمِ والأخذِ عنهم.
15- هَجْرُ أَمَاكِنِ الفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ.
16- الحَذَرُ مِن السفرِ إلى بلادِ الانحلالِ.
17- جَوَازُ هَجْرِ أهلِ المَعَاصِي.
18- الحذرُ مِن الاغترارِ بالدُّنْيَا.
19- الأمرُ بِغَضِّ الأبْصَارِ عن المُحَرَّمَاتِ.
20- مِنْ أعظمِ الفِتَنِ على الرجالِ النساءُ.
21- الإخلاصُ شَرْطٌ مِنْ شروطِ قَبُولِ العملِ.
22- حُسْنُ تعليمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكمالُ بَلاغَتِهِ؛
حيثُ يَذْكُرُ الأصولَ والقواعدَ الكُلِّيَّةَ ثمَّ يُوَضِّحُها بالمثالِ.
فائدةٌ:
أعمالُ القلوبِ أَرْبَعَةٌ:
1- الهَاجِسُ.
2- الخَاطِرُ، وهُمَا لا يُكْتَبَانِ حسنةً ولا سَيِّئَةً.
3- حديثُ النفسِ، ويُكْتَبُ أجراً ولا يُكْتَبُ وِزْراً.
4- العَزْمُ والتَّصْمِيمُ، ويُكْتَبُ حَسَنَةً وسَيِّئَةً، والدليلُ الحديثُ: ((إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ...)) الحديثَ.
فهذا شرحٌ لطيفٌ على (الأربعينَ) الأحاديثِ التي جَمَعَهَا الفقيهُ مُحْيِي الدينِ أبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ الشافعيُّ الزاهِدُ الوَرِعُ.
تَرْجَمَةُ الصَّحابيِّ رَاوِي الحَديثِ:
أميرُ المؤمنينَ أَبو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ -رَضيَ اللهُ تَعالى عنْهُ-، ابنِ نُفَيْلِ بنِ عبْدِ العُزَّى العَدَوِيُّ القُرَشِيُّ.
يَجْتَمِعُ معَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كعبِ بنِ لُؤَيٍّ.
كُنْيَتُهُ: أبو حَفْصٍ.وَلَقَبُهُ: الفاروقُ لِفُرْقَانِهِ بينَ الحقِّ والباطلِ بإِسْلاَمِهِ؛ إِذْ أَمْرُ المسلِمينَ كانَ قبْلَهُ على غايةِ الخَفَاءِ، وبعدَهُ على غايةِ الظُّهُورِ.
أَسْلَمَ بعدَ أربعينَ رَجُلاً وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً سَنَةَ ستٍّ منَ النُّبُوَّةِ.
وَبُويِعَ لَهُ بالخلاَفةِ يومَ موتِ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، يومَ الثُّلاَثَاءِ، لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثلاثَ عَشْرَةَ مِنَ الهجرةِ.
وَمَاتَ شَهِيدًا في المدينَةِ، يومَ الأربِعاءِ لأربعٍ من ذِي الحِجَّةِ سنَةَ ثَلاثٍ وعِشْرِينَ منَ الهِجْرَةِ، وهُوَ ابنُ ثلاثٍ وستِّينَ على الصَّحِيحِ.
الشَّرحُ:
قالَ مُنْفَرِدًا عنْ غَيرِهِ بهذَا الحديثِ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حالَ كَوْنِهِ يَقُولُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) أَيْ: لا عِبْرَةَ للأعمالِ التي يُمْكِنُ أَنْ تكونَ مَحَلاًّ لِلثَّوَابِ عندَ اللهِ تَعَالَى إلاَّ بالنِّيَّاتِ.
فالمطْلُوبَاتُ:
- إنْ عُمِلَتْ للهِ تَعَالَى قُبِلَتْ.
- وإنْ عُمِلَتْ لغيرِهِ رُدَّتْ، وَرُبَّمَا اسْتَحَقَّ عامِلُها العِقَابَ.
- وإِنْ خَلَتْ عَن النِّيَّةِ صَارَتْ عَبَثًا.
والمُباحاتُ التي يُمْكِنُ أنْ يُتَوَصَّلَ بِهَا إلى الخَيْرات:
- إنْ فُعِلَتْ للتَّوصُّلِ إلى الشَّرِّ كانَتْ وَبَالاً على أَرْبَابِهَا.
- وإنْ خَلَتْ عنِ النِّيِّةِ كانَتْ عَبَثًا.
والمَنْهِيَّاتُ:
- إنْ تُرِكَتْ للهِ كانتْ حَسَنَاتٍ.
- وإنْ تُرِكَتْ لِغَيْرِهِ كانتْ مُهْمَلَةً.
- وإنْ فُعِلَتْ للهِ يُخَافُ على فَاعِلِهَا ذَنْبٌ عظيمٌ.
(( وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)) لا مَا نَوَى غَيْرُهُ؛ لأنَّ عَمَلَ كلِّ عاملٍ مُعْتَبَرٌ بِنِيَّتِهِ لا بِنِيَّةِ غَيْرِهِ.
فمِنْ هُنَا إذا عَرفْتَ ما تَقَدَّمَ، فَاعْلَمْ أنَّ: ((مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ)) تَرْكُهُ دارَ الكُفرِ والعصْيَانِ، للتَّوَجُّهِ ((إِلَى-مَحَلِّ رِضَا- اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ)) لا إلى غَيْرِهَا، وهُو مَمْدُوحٌ على ذلكَ في الأُولَى والعُقْبَى، وَمُثَابٌ عليْهَا جَزَاءً حَسَنًا.
(( وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا))
-مِنْ غيرِ تَنْوِينٍ- ((دُنْيَا يُصِيبُهَا)) أيْ: يَقْصِدُ حُصُولَهَا أَصَابَهَا، أو لمْ يُصِبْهَا.
(( أَوْ)): كانَتْ هِجْرَتُهُ ((لاِمْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا)) يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَوْ لاَ، وإنَّمَا خَصَّ نِكَاحَ المرأةِ مع أنَّهُ منَ الدُّنيا؛ لأنَّه من أعظمِ أُمورِهَا ومَقَاصِدِهَا، وهذا مِن بابِ التخصيصِ بعدَ التعميمِ.
((فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)) من الدُّنْيَا والمَرْأَةِ، لا إلى اللهِ ورسولِهِ، وهوَ مَلُومٌ عليها غيرُ مُثَابٍ.
وهذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ من أصولِ الدينِ، يَنْبَغِي لكلِّ عبدٍ أنْ يُرِيدَ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى في أعمالِهِ مُجَانِبًا عَمَّا سِوَاهُ؛ إِذ المُخْلِصُ رابحٌ والمُرَائِي خَاسِرٌ، ولا يَتَأَتَّى الإخلاصُ إلاَّ مِمَّنْ يَعْلَمُ عَظَمَةَ اللهِ تَعَالى وَمُرَاقَبَتَهُ عَلى خَلْقِهِ.
_______________________________________________________________________________________________
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْمُقَدِّمَةُ
االْمُقَدِّمَةُ
لحمدُ للَّهِ الذي علَّمَ بالقلمِ، علَّمَ الإنسانَ ما لمْ يَعْلَمْ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، الذي أسبغَ علينا النِّعَمَ وجعَلَنَا منْ خيرِ الأُممِ، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنَا مُحَمَّداً عبْدُهُ ورسُولُهُ، رفَعَ اللَّهُ بهِ عن الأُمَّةِ السَّقَمَ، وأزالَ الصَّمَمَ، صَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عليهِ كُلَّمَا زادَ العِلْمُ وقلَّ الجَهْلُ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَن اتَّبَعَ هُدَاهُ إلى يومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ حاجةَ الناسِ اليومَ إلى العلمِ الشَّرْعِيِّ الذي يُنَوِّرُ البصائرَ، ويُلِينُ القلوبَ، ويَهْدِي إلى الصراطِ المستقيمِ، فهوَ زادُ الأرواحِ، وخيرُ الأرباحِ، والدليلُ على الفلاحِ.
وقدْ أنزلَ اللَّهُ الكُتُبَ للعلمِ والتعليمِ، وأرسلَ الرُّسلَ مُعَلِّمِينَ، ورفَعَ قَدْرَ العلماءِ، قالَ تعالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المُجَادَلَة: 11].
وخيرُ المَعادنِ مَعادِنُ العُلماءِ، قالَ صلى الله عليه وسلم: ((... فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَنِي، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا)).
وقالَ: ((مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)).
وتعليمُ العلمِ مِنْ أعظمِ القُرُبَاتِ إلى اللَّهِ تعالى؛ لأنَّ الإنسانَ يَنَالُ بهِ الخشيَةَ، قالَ تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: 28].
ويَكْثُرُ بهِ الأجرُ، قالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً)).
ويَدومُ بهِ العملُ، قالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لهُ)).
ولأهَمِّيَّةِ العلمِ والتعليمِ سَاهَمْتُ بجُهْدِ المُقِلِّ، إذْ قُمْتُ بشرحِ (الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ) في دَوْرَاتٍ علميَّةٍ في أَبْهَا ومُحَافَظَاتِهَا، وقدْ طَلَبَ مِنِّي الكَثِيرُ منْ طُلاَّبِ العلمِ إخراجَ هذا الشرحِ في كتابٍ؛ ليكونَ أحفظَ للعلمِ وأَدْعَى إلى نَشْرِهِ وتيسيرِ الحصولِ عليهِ، فَأَجَبْتُ لذلكَ، وسَمَّيْتُهُ: (الْمِنَنُ الرَّبَّانِيَّةُ فِي شَرْحِ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ).
أَسْأَلُ اللَّهَ أنْ يَنْفَعَ بهذا العلمِ، وأنْ يَجْعَلَهُ خالصاً لوجْهِهِ الكريمِ، وأنْ يجْعَلَهُ من العملِ الذي لا يَنْقطِعُ، وصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ.
قالَه بِلِسَانِهِ وكَتَبَهُ بقَلَمِهِ الفقيرُ إلى عَفْوِ رَبِّهِ سَعْدُ بنُ سَعِيدٍ الحَجَرِيُّ
أَبْهَا آلُ غَلِيظٍ 11/5/1422هـ
--------------------------------------------------------------------------------
وأُحِيطُ القارئَ عِلْماً أَنَّنِي لمْ أُورِدْ إلاَّ حديثاً صحيحاً، وإنْ لَمْ تَثْبُتْ صِحَّتُهُ حَذَفْتُهُ أوْ بَيَّنْتُ عِلَّتَهُ، وقد اجْتَهَدْتُ في ذلكَ ما اسْتَطَعْتُ، وما تَوْفِيقِي إلاَّ باللَّهِ عليهِ تَوَكَّلْتُ وإليهِ أُنِيبُ.
بِسْمِ اللَّهِ الَّرحْمَنِ الرَّحِيمِ(المِنَنُ الرَّبَّانِيَّةُ في شرحِ الأربعينَ النَّوَوِيَّةِ)
سُمِّيَت (الأربعينَ النَّوَوِيَّةَ)؛ لأنَّها جُمِعَتْ من اثْنَيْنِ وأربعينَ حديثاً، والذي دَعَا المُؤَلِّفَ إلى جَعْلِهَا أربعينَ فقطْ؛ إشارةً إلى حديثٍ ضعيفٍ، وهوَ: ((مَنْ حَفِظَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثاً مِنْ أَمْرِ دِينِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةِ الْفُقَهَاءِ)).
واعْتَذَرَ بعدَ ذلكَ لضعفِ الحديثِ، وقالَ: (مَا فَعَلْتُ ذلكَ إلاَّ لحديثِ: ((لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)).
ولحديثِ: ((نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا))).
وقدْ زادَ عليها ابنُ رَجَبٍ ثمانيَةَ أحاديثَ في (جَامِعِ العُلُومِ والحِكَمِ)؛ ليكونَ المجموعُ خمسينَ حَدِيثاً.
ترجمةُ الإمامِ النَّوَوِيِّ:
هوَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ شَرَفِ بنِ مَقْرِي بنِ حسنٍ النَّوَوِيُّ نسبةً إلى نَوَى، وهيَ قريَةٌ منْ قُرَى حَوْرَانَ فيسُورِيَّا، وُلِدَ في شهرِالمُحَرَّمِمن العامِ الواحدِ والثلاثينَ بعدَ السِّتِّمِائَةِ لِلْهِجْرَةِ منْ أَبَوَيْنِ صَالحيْنِ، وقدْ جدَّ في الطلبِ حتَّى حازَ قَصَبَ السَّبْقِ في ذلكَ.
وقدْ تَمَيَّزَتْ حَيَاتُهُ بثلاثةِ أُمُورٍ:
أَوَّلاً: العلمُ.
وتَمَيَّزَ عِلْمُهُ بثلاثةِ أُمُورٍ:
1- الجِدُّ في طلبِ العلمِ قِراءةً وسماعاً وتِرْحَالاً، حتَّى وَجَدَ لَذَّاتِهِ، وكانَ لهُ في اليومِ اثْنَا عشرَ دَرْساً.
2- سَعَةُ عِلْمِهِ وثَقَافَتِهِ؛ إذْ إنَّ لهُ دُرُوساً في مُخْتَلَفِ الفُنونِ.
3- غَزَارَةُ إِنْتَاجِهِ وتَأْلِيفِهِ، فَلَهُ (شَرْحُ مُسْلِمٍ)، و(المجْمُوعُ)، و(رِيَاضُ الصالحِينَ)، و(الأرْبَعِينَ)، وغَيْرُها.
ثانياً: الزُّهْدُ في الدُّنيا بجميعِ ما فيها والعملُ للآخرةِ.
ثالثاً: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ والدعوةُ إلى اللَّهِ تعالى.
وَفَاتُهُ:
تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ بعدَ السِّتِّمِائَةِ لِلْهِجْرَةِ، فلمْ يُعَمَّرْ سِوَى خمسٍ وأربعينَ سنةً.
***
الحديثُ الأوَّلُ
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))، مُتَّفَقٌ عليهِ.
مَكَانَةُ الحديثِ ومَنْزِلَتُهُ في الدِّينِ:
قِيلَ: هذا الحديثُ نِصْفُ الدِّينِ، والآخرُ حَدِيثُ: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ))؛ لأنَّ هذا الحديثَ يَتَعَلَّقُ بالباطنِ، وحديثَ عائشةَ -رَضِيَ اللَّهُ- عَنْهَا يَتَعَلَّقُ بالظاهرِ.
وقيلَ: بلْ هوَ ثُلُثُ الدِّينِ معَ حديثِ: ((الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ...))الحديثَ.
وقيلَ: رُبْعُهُ
معَ حديثِ: ((يُجْمَعُ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً نُطْفَةً...)) الحديثَ.
وقيلَ غيرُ ذلكَ.
وهذا الحديثُ يُمَثِّلُ الشرطَ الأَوَّلَ منْ شُرُوطِ قَبُولِ العملِ، وهوَ الإخلاصُ للَّهِ ربِّ العالمينَ.
تَرْجَمَةُ الرَّاوِي:
هوَ أميرُ المؤمنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بنِ نُفَيْلٍ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهُ، أسلمَ في السنةِ السادسةِ مِن البَعْثةِ بعدَ حمزةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ منْ تَأَثُّرِهِ بالقرآنِ، وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وكانَ وَرِعاً تَقِيًّا شُجاعاً.
وافقَ رَبَّهُ في ثلاثةِ مَوَاضِعَ:
- في المَقَامِ.
- والحِجابِ.
- وأَسْرَى بَدْرٍ.
وقيلَ: في قولِهِ تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ}الآيَةَ [التحريم: 5].
تولَّى الخلافةَ بعدَ أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ. وهوَ:
- أَوَّلُ خليفةٍ دُعِيَ بأميرِ المؤمنينَ.
- وأَوَّلُ مَنْ أرَّخَ بالهجرةِ.
- وأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الناسَ على صلاةِ التراويحِ.
- وأَوَّلُ مَنْ عَسَّ (وَهِيَ: حراسةُ المدينَةِ).
- وأَوَّلُ مَنْ حملَ الدِّرَّةَ وأدَّبَ بها، وفتحَ الفتوحَ ودَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، ومَنَاقِبُهُ كثيرةٌ.
اسْتُشْهِدَ في العامِ الثالثِ والعشرينَ من الهجرةِ على يَدِ المَجُوسِيِّ أبي لُؤْلُؤَة.
موضوعُ الحديثِ:
أَهَمِّيَّةُ النِّيَّةِ في العملِ.
المُفْرَدَاتُ:
(أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ) لَقَبٌ يُلَقَّبُ بهِ الخليفةُ الذي يَتَوَلَّى إِمْرَةَ المؤمنينَ.
ويُقالُ:
- هِرَقْلُ لِمَلِكِ الرُّومِ.
- وكِسْرَى لِمَلِكِ الفُرْسِ.
- وفِرْعَوْنُ لِمَلِكِ مِصْرَ.
- والنَّجَاشِيُّ لِمَلِكِ الحبشةِ.
- وتُبَّعٌ لِمَلِكِ اليمنِ.
(أبي حَفْصٍ) الحفصُ هوَ: الأَسَدُ، ويُقالُ لهُ: أبو الحارثِ، وهوَ كُنْيَةٌ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ؛ لِشَجَاعَتِهِ وإِقْدَامِهِ؛ إذْ حَتَّى الجِنُّ تَهَابُهُ وتَفِرُّ منهُ وتَسْلُكُ غيرَ سَبِيلِهِ.
(رَضِيَ اللَّهُ عنهُ) هذا خبرٌ بِرِضْوَانِ اللَّهِ تعالى عليهِ:
- لأنَّهُ مُبَشَّرٌ بالجَنَّةِ.
- ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى قَصْرَهُ في الجَنَّةِ.
- ولأنَّ اللَّهَ تَعَالَى قالَ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ...} الآيَةَ [الفتح: 18]، وكانَ عمرُ منهم.
(سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ)
(سَمِعْتُ) إِحْدَى صِيَغِ أداءِ الحديثِ، بلْ هيَ أَعْلاها وأقْوَاها وأَثْبَتُها، ومِثْلُها حَدَّثني.
- ويَلِيهَا: قَرَأْتُ على الشيخِ ، وأَخْبَرَنِي قراءةً عليهِ وأَخْبَرَنِي.
- ويَلِيهَا: قرأَ عليهِ وأنا أَسْمَعُ وقَرَأْنَا عليهِ وأَخْبَرَنَا.
- ويَلِيهَا: أَخْبَرَنِي إِجَازَةً وحَدَّثَنِي إجازةً وأَنْبَأَنِي عنْ فلانٍ...
(إِنَّمَا): أداةُ حصرٍ تفيدُ ثبوتَ الحكمِ في المحصورِ وتُقَوِّي الحكمَ المذكورَ بعْدَها وتُؤَكِّدُهُ.
والحصرُ: هوَ تخصيصُ شيءٍ بشيءٍ.
(الأعمالُ): جَمْعُ عملٍ، و(أَلْ) للجِنْسِ؛ أيْ: جنسِ الأعمالِ، فَتَدْخُلُ فيهِ جميعُ الأعمالِ.
والعملُ: هوَ ما يَقومُ بهِ الإنسانُ مِنْ قولٍ أوْ فعلٍ أوْ تَرْكٍ مقصودٍ، مثلُ قراءةِ القرآنِ، والوضوءِ، وتركِ السرقةِ قَصْداً.
(بِالنِّيَّاتِ): جمعُ نِيَّةٍ.
والنِّيَّةُ: هيَ القصدُ؛ أيْ: يَقْصِدُ الشيءَ مُقْتَرِناً بعَمَلِهِ، فقدْ يَقْصِدُ بالعملِ رِيَاءً أوْ سُمْعَةً أوْ مَالاً أوْ مَنْصِباً أوْ دُنْيَا أوْ غَيْرَها.
ومَحَلُّ النِّيَّةِ القلبُ، فلا تَخْرُجُ من القلبِ، ولوْ تَلَفَّظَ بها لكانَ مُبْتَدِعاً، فلا يقولُ: نَوَيْتُ الصلاةَ أوِ الزكاةَ أوْ نَحْوَهَا.
والباءُ للمُصَاحَبَةِ؛ أيْ: أنَّ النِّيَّةَ تُصَاحِبُ العملَ.
فلا يُرادُ من الوضوءِ النظافةُ بل العبادةُ، وأنْ يكونَ لِلَّهِ.
ولا يريدُ بالصلاةِ الرياضةَ.
ولا بالصومِ التخفيفَ من الوزنِ.
ولا بالحَجِّ السياحةَ والنُّزْهةَ، وإنَّما لأجلِ اللَّهِ تعالى.
وقدْ رُوِيَت (بِالنِّيَّةِ) بلفظِ الإفرادِ، و(أَلْ) فيها للجنسِ، وليسَ المرادُ بها العهدَ ولا التعريفَ بمعنى الجمعِ.
والنِّيَّةُ تقعُ في كلامِ العلماءِ بمَعْنَيَيْنِ:
أَوَّلاً: تمييزُ العباداتِ بَعْضِها عنْ بعضٍ؛ كَتَمْيِيزِ الظُّهْرِ عن العَصْرِ، والفرضِ عن النفلِ، ونحوِ ذلكَ.
ثانياً: تمييزُ المقصودِ بالعملِ هلْ هوَ للَّهِ وَحْدَهُ أمْ لغَيْرِهِ؟
(وإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)
(امْرِئٍ) أيْ: إنسانٍ، فيَشْملُ الذَّكَرَ والأُنْثَى.
ولا يَخْتَصُّ بالذَّكَرِ؛ لأنَّ الأحكامَ عامَّةٌ للمُكَلَّفِينَ.
(مَا نَوَى): أي: الذي نَوَى وقصدَ، فإنْ أرادَ عبادةً كانتْ عبادةً، وإنْ أرادَ غيرَ ذلكَ فهوَ بِنِيَّتِهِ.
(فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ)
الهِجرةُ في اللُّغةِ: التَّرْكُ،مِنْ قَوْلِكَ: هَجَرْتُ كذا؛ أيْ: تَرَكْتُهُ.
وشَرْعاً: مُفَارَقَةُ دارِ الكُفْرِ إلى دارِ الإسلامِ خوفَ الفتنةِ على الدِّينِ.
وأقسامُ الهجرةِ ثلاثةُ أقسامٍ:
أَوَّلاً: هجرةُ المَكانِ، إذا انتقلَ المسلمُ منْ بلدِ الكفرِ أوْ بلدِ الفسوقِ والعصيانِ إلى بلدٍ لا يكونُ فيهِ شيءٌ منْ ذلكَ.
وتكونُ واجبةً إذا كانَ الإنسانُ لا يَسْتَطِيعُ إظهارَ دِينِهِ.
أَمَّا إذا كانَ يستطيعُ فلا تَجِبُ، بلْ تكونُ مُسْتَحَبَّةً.
وأَمَّا عكسُ الهجرةِ وهوَ الانتقالُ منْ بلدِ الإسلامِ إلى بلدِ الكفرِ
فَيَجُوزُ بثلاثةِ شروطٍ:
(أ) أنْ يكونَ عِنْدَهُ علمٌ يَدْفَعُ بهِ الشُّبُهَاتِ، ويَدْحَضُ بهِ حُجَجَ الأعداءِ، ويُظْهِرُ بهِ دِينَ الحقِّ.
(ب) أنْ يكونَ عِنْدَهُ دِينٌ يَحْمِيهِ من الشَّهَوَاتِ.
(ج) أنْ يكونَ في حاجةٍ إلى ذلكَ؛ كالمرضِ أوْ عِلْمٍ لا يُوجَدُ إلاَّ في بلدِ الكفرِ والحَاجَةُ تَدْعُو لهُ، أوْ ما شَابَهَ ذلكَ.
ثانياً: هِجْرةُ العملِ، وهوَ أنْ يَهْجُرَ الإنسانُ ما نَهَى اللَّهُ عنهُ مِن المعاصي والفُسوقِ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ)).
ثالثاً: هِجْرةُ العاملِ؛ أيْ: هَجْرُ الإنسانِ لأهلِ المعاصي.
وهذهِ قدْ تَجِبُ إذا تَرَتَّبَ عليها مَصْلَحَةٌ
كهجرِ أهلِ الفسوقِ والعصيانِ الذينَ يُجَاهِرُونَ بالمعصيَةِ، وأَمَّا إذا لمْ يَتَرَتَّبْ مصلحةٌ فلا.
والمُهَاجِرُ أقسامٌ:
(أ) مَنْ هاجَرَ مِنْ بَلَدِ الكُفْرِ إلى بلدِ الإسلامِ يريدُ اللَّهَ والدارَ الآخرةَ،
فهوَ المؤمنُ باللَّهِ حَقًّا والمُخْلِصُ في هِجْرَتِهِ.
(ب) مَنْ هاجرَ لأجلِ مالٍ؛ إذْ سَمِعَ بِوُجُودِ رِبْحٍ في بلدِ الإسلامِ، فَهِجْرَتُهُ للمالِ.
(ج) مَنْ هَاجَرَ لأجلِ امرأةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ للنِّكَاحِ.
(إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ): أيْ: إلى دِينِ اللَّهِ تعالى والوصولِ إلى رِضْوَانِهِ والجَنَّةِ.
(وَرَسُولِهِ): المرادُ بهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
ومعنى الهجرةِ لهُ:
- في حَيَاتِهِ: أيْ: صُحْبَتُهُ والتَّعَلُّمُ منهُ والاقتداءُ بهِ ونُصْرَتُهُ.
- وأَمَّا بعدَ مَوْتِهِ: فالهجرةُ إلى اتِّبَاعِهِ ومكانِ إقامةِ شَرْعِهِ.
(فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ)
أيْ: قدْ بَلَغَ الغايَةَ التي لا أَسْمَى منها ولا أجلَّ، وهيَ الوصولُ إلى اللَّهِ ورسُولِهِ.
وفي هذا دَلالةٌ على أنَّ مَنْ أرادَ اللَّهَ ورسُولَهُ فهوَ بِنِيَّتِهِ، ومَنْ أرادَ غيرَ اللَّهِ فهوَ بِحَسَبِ نِيَّتِهِ.
(دُنْيَا يُصِيبُهَا) الدُّنْيَا: هيَ الحياةُ الأُولَى مِنْ حياةِ الإنسانِ.
ولهُ حَيَاتَانِ:
حياةٌ أُولَى: وهيَ الدُّنْيَا وهيَ دارُ العملِ، وَمَنْ سَخَّرَهَا للآخرةِ نَجَا، وَمَن اغْتَرَّ بها هَلَكَ؛ لأنَّها مَتاعُ الغُرُورِ، ولأنَّها لَعِبٌ ولَهْوٌ، ولأنَّها كَالسَّرَابِ، وهيَ مَعْبَرٌ وَمَمَرٌّ.
وسُمِّيَتْ دُنْيَا:
- من الدُّنُوِّ: وهوَ القُرْبُ.
- أوْ لِدَنَاءَتِهَا؛ إذْ هيَ كَظِلِّ شجرةٍ أوْ كسحابةِ صَيْفٍ.
وهيَ سِتَّةُ أشياءَ:
- طَعَامٌ.
- وشَرَابٌ.
- ولِبَاسٌ.
- ومَشْمُومٌ.
- ومَنْكُوحٌ.
- ومَرْكُوبٌ.
ومعنى (يُصِيبُهَا) أيْ: يَنالُ منها مالاً أوْ شَرَفاً أوْ رِيَاسَةً أوْ غيرَ ذلكَ.
(أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا): المرأةُ: هيَ الأُنْثَى مِن البَشَرِ.
والنكاحُ: هوَ الزَّوَاجُ.
وهوَ لُغَةً: الضَّمُّ والجمعُ بينَ الشَّيْئَيْنِ، ويُطْلَقُ:
- على العَقْدِ.
- وعلى الوَطْءِ.
وكلُّ نِكَاحٍ في القرآنِ فهوَ بمَعْنَى العَقْدِ، إلاَّ قَوْلَهُ تعالَى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ}[البقرة: 230]، فالمُرَادُ بهِ الوَطْءُ.
وَاصْطِلاحاً: عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ الصحيحُ.
وخَصَّ المرأةَ معَ أنَّها مِنْ مَتاعِ الدُّنْيَا؛ لكثرةِ تَعَلُّقِ الرغباتِ فيها، فكأنَّها هيَ في كِفَّةٍ وسائرَ متاعِ الدُّنيا في كِفَّةٍ.
(فَهِجْرَتُهُ إلى مَا هاجرَ إِلَيْهِ): أيْ: فَهِجْرَتُهُ إلى الدُّنيا والمَرْأةِ.
ولَمْ يُعِدْ ذِكْرَهُمَا كذِكْرِ الهجرةِ إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ؛ تَحْقِيراً لشَأْنِهِمَا في أنْ يَكُونَا مُرَادَ المهاجرِ، وبَيَاناً لانحطاطِ مَرْتَبَةِ مُرِيدِهِما بالهجرةِ.
الفوائدُ:
1- جَوَازُ التَّكَنِّي ببعضِ الحيواناتِ التي تَحْمِلُ صفاتٍ حَمِيدةً.
2- مَشْرُوعِيَّةُ التَّرَضِّي عن الصَّحَابَةِ خَبَراً، وعنْ غَيْرِهِم إِنْشَاءً.
3- وجوبُ إتقانِ الرَّاوِي في رِوَايَتِهِ.
4- النِّيَّةُ رُكْنٌ في جميعِ الأعمالِ.
5- أنَّ النِّيَّةَ بالقصدِ فقطْ لا باللفظِ.
6- النهيُ عن التَّلَفُّظِ بالنِّيَّةِ؛ لأنَّ ذلكَ مِن البِدَعِ.
7- الحَثُّ على إِخْلاصِ النِّيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى.
8- الإِخْلاصُ عَلامَةٌ مِنْ علاماتِ قَبُولِ العملِ.
9- عدمُ الإخلاصِ علامةٌ على رَدِّ العملِ.
10- التحذيرُ منْ إرادةِ الدُّنيا بعملِ الآخرةِ.
11- الناسُ يَتَفَاوَتُونَ في نِيَّاتِهِمْ، ولِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
12- أفضلُ الهجرةِ ما كانَ مِنْ أَجْلِ اللَّهِ.
13- فَضْلُ شَدِّ الرِّحَالِ لِنَيْلِ رِضْوَانِ اللَّهِ.
14- مَشْرُوعِيَّةُ الانتقالِ إلى أهلِ العلمِ والأخذِ عنهم.
15- هَجْرُ أَمَاكِنِ الفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ.
16- الحَذَرُ مِن السفرِ إلى بلادِ الانحلالِ.
17- جَوَازُ هَجْرِ أهلِ المَعَاصِي.
18- الحذرُ مِن الاغترارِ بالدُّنْيَا.
19- الأمرُ بِغَضِّ الأبْصَارِ عن المُحَرَّمَاتِ.
20- مِنْ أعظمِ الفِتَنِ على الرجالِ النساءُ.
21- الإخلاصُ شَرْطٌ مِنْ شروطِ قَبُولِ العملِ.
22- حُسْنُ تعليمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكمالُ بَلاغَتِهِ؛
حيثُ يَذْكُرُ الأصولَ والقواعدَ الكُلِّيَّةَ ثمَّ يُوَضِّحُها بالمثالِ.
فائدةٌ:
أعمالُ القلوبِ أَرْبَعَةٌ:
1- الهَاجِسُ.
2- الخَاطِرُ، وهُمَا لا يُكْتَبَانِ حسنةً ولا سَيِّئَةً.
3- حديثُ النفسِ، ويُكْتَبُ أجراً ولا يُكْتَبُ وِزْراً.
4- العَزْمُ والتَّصْمِيمُ، ويُكْتَبُ حَسَنَةً وسَيِّئَةً، والدليلُ الحديثُ: ((إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ...)) الحديثَ.