alfrqan

مرحبا بكم في موقعنا ومنتديات الفرقان نتمني لكم قضاء وقت جميل معنا والاستفادة بكل ما هوه جديد نأمل من الله ان نكون عند حسن ظنكم بنا في هذا الموقع الديني
ملاحظة هامة عند الاشتراك بالموقع والتسجيل لا تنسي الرسالة الذي ترسل اليك عبر الاميل لانها يوجد بها رابط التفعيل ويكون هناك رابطين الاول للموقع والثاني لتفعيل عضويتك لتمكنك من تسجيل الدخول بعد ذلك فالرجاء بعد التسجيل وقبل قيامك بالدخول اذهب الي رسائلك في الاميل تجد هذا الرابط الموجود وبعد الضغط عليه يمكن الدخول والاستمتاع معنا في موقعنا فاهلا وسهلا بك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

alfrqan

مرحبا بكم في موقعنا ومنتديات الفرقان نتمني لكم قضاء وقت جميل معنا والاستفادة بكل ما هوه جديد نأمل من الله ان نكون عند حسن ظنكم بنا في هذا الموقع الديني
ملاحظة هامة عند الاشتراك بالموقع والتسجيل لا تنسي الرسالة الذي ترسل اليك عبر الاميل لانها يوجد بها رابط التفعيل ويكون هناك رابطين الاول للموقع والثاني لتفعيل عضويتك لتمكنك من تسجيل الدخول بعد ذلك فالرجاء بعد التسجيل وقبل قيامك بالدخول اذهب الي رسائلك في الاميل تجد هذا الرابط الموجود وبعد الضغط عليه يمكن الدخول والاستمتاع معنا في موقعنا فاهلا وسهلا بك

alfrqan

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع الشريعة والحياه

خبر عاجل-- عدد الشهداء حتي الان 142 شهيد و1115 جريح جلهم من الاطفال-- الحكومة الاسرائيلية تدعم مدن وبلدات الجنوب بـ 15 مليون شيقل--استشهاد الفتى احمد ابو عليان من بني سهيلا متأثرا بجراحه--استهداف مواطنين بصاروخ استطلاع واصابتهما بجراح في حي الشجاعية بغزة--اصابتان في قصف تحذيري قرب منزل مستشار هنية عصام الدعاليس--سقوط صاروخ على منطقة "بني شمعون" واندلاع حريق بعد انفجار الصاروخ--شهيد وثلاثة جرحى في غارة قرب مسجد الشافعي بجباليا--القسام تقصف قاعدة حتسور الجوية بـ 3 جراد واسدود بصاروخ محلي--اسرائيل تقصف منزلا غرب النصيرات والنيران تشتعل فيه بعد تدميره--المقاومه تسستبسل تجدد القصف الصاروخي على المدن والبلدات الاسرائيلية--اليوم 8 من الحرب -يبدأ باستهداف منازل ومقرات حكومية وجسر تاريخي--الطائرات الاسرائيلية تستأنف قصف أنفاق رفح بـ7 غارات واشتعال النار--ابو مرزوق: لا يجوز قتل العملاء بهذه الطريقة ويجب محاسبة المنفذين--قصف مركز شرطة محافظة خانيونس بعدد من الصواريخ--القسام تخترق بث القناتين العاشرة والثانية وتهدد سلاح المدرعات--نتنياهو: نفضل تسوية الوضع بالوسائل الدبلوماسية--طائرات اف 16 تدمر منزل عصام الدعاليس مستشار هنية وسط القطاع

نعلمكم انه تم تفعيل الموقع بعد انقطاع دام اشهر فاهلا وسهلا بكم من جديد والتفاعل مع الموقع بالمشاركات عبر الاميل التالي a_a213@hotmail.com ولكم جزيل الشكرا


2 مشترك

    الحديث الاربعون النووية الحديث الاول إنما الاعمال بالنيات **** الجزء الثالث *****

    صوت الحق
    صوت الحق


    عدد المساهمات : 19
    نقاط : 43
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    الحديث الاربعون النووية الحديث الاول إنما الاعمال بالنيات  ****  الجزء الثالث ***** Empty الحديث الاربعون النووية الحديث الاول إنما الاعمال بالنيات **** الجزء الثالث *****

    مُساهمة من طرف صوت الحق الإثنين مارس 08, 2010 10:47 am

    [b][size=18][justify][size=18][b]والنِّيَّةُ في كلامِ العُلماءِ تَقَعُ بمَعْنَيَيْنِ:
    أحدُهُمَا: بمعنى تمييزِ العَباداتِ بعضِها عنْ بَعضٍ،كتمييزِ صلاةِ الظُّهْرِ مِنْ صلاةِ العَصْرِ مَثَلاً، وتمييزِ صيامِ رمَضَانَ مِنْ صيامِ غيرِهِ، أوْ تمييزِ العِبَاداتِ مِن العَادَاتِ، كتمييزِ الغُسْلِ مِن الجَنَابَةِ مِنْ غُسْلِ التَّبَرُّدِ والتَّنَظُّفِ، ونحوِ ذَلِكَ.
    وهذِهِ النِّيَّةُ هيَ التي تُوجَدُ كثيرًا في كلامِ الفُقَهَاءِ في كُتُبِهِمْ.
    والمعنَى الثَّاني: بمعنَى تمييزِ المقصودِ بالعَمَلِ، وهلْ هوَ اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، أمْ غيرُهُ، أم اللَّهُ وغيرُهُ.
    وهذِهِ النِّيَّةُ هيَ الَّتي يَتَكَلَّمُ فيها العارِفُونَ في كُتُبِهِم في كلامِهِم على الإِخلاصِ وتوابِعِهِ، وهيَ الَّتي تُوجَدُ كثيرًا في كلامِ السَّلَفِ المُتَقدِّمِينَ.
    وقدْ صَنَّفَ أبو بَكْرِ بنُ أبِي الدُّنيا مُصَنَّفًا سَمَّاهُ: كتابَ (الإِخلاصِ والنِّيَّةِ)، وإنَّما أرادَ هذِهِ النِّيَّةَ، وهيَ النِّيَّةُ التي يَتَكَرَّرُ ذِكْرُها في كلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    - تارَةً: بلَفْظِ النِّيَّةِ.
    - وتارَةً: بلفْظِ الإِرادَةِ.
    - وتارَةً: بلفْظٍ مُقَارِبٍ لذَلِكَ.
    وقدْ جاءَ ذِكْرُها كثيرًا في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ بغَيْرِ لفظِ النِّيَّةِ أيضًا مِن الأَلفاظِ المُقارِبَةِ لَهَا.
    وإنَّما فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بينَ النِّيَّةِ وبينَ الإِرادَةِ والقَصْدِ ونحوِهما؛لظَنِّهِم اخْتِصَاصَ النِّيَّةِ بالمعنَى الأوَّلِ الذي يَذْكُرُهُ الفقهاءُ.
    فمِنهمْ مَنْ قالَ: النِّيَّةُ تَخْتَصُّ بفعلِ النَّاوِي، والإِرادةُ لا تَخْتَصُّ بذَلِكَ، كما يُرِيدُ الإِنسانُ مِن اللَّهِ أنْ يَغْفِرَ لَهُ ولا يَنْوِي ذَلِكَ.
    وقدْ ذَكَرْنَا أنَّ النِّيَّةَ في كلامِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسَلَفِ الأُمَّةِ إنَّما يُرادُ بها هذا المعنَى الثَّاني غالِبًا، فهيَ حينَئِذٍ بمعنَى الإِرادَةِ.
    ولذَلِكَ يُعَبَّرُ عنها بلفظِ (الإِرادَةِ) في القرآنِ كثيرًا:
    - كما في قولِهِ تعالَى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [آل عِمْرَانَ: 152].
    - وقولِهِ: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [الأنفال: 67].
    - وقولِهِ :{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشُّورَى: 20].
    - وقولِهِ:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإِسراء: 18-19].
    - وقولِهِ تعالَى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[هُود: 15-16].
    - وقولِهِ:{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52].
    - وقولِهِ: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 28].
    - وقولِهِ: {ذَلِكَ خَيرٌ لِلَّذينَ يُريدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
    - وقولِهِ: {وَمَا آتَيتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}[الرُّوم: 38-39].
    وقدْ يُعَبَّرُ عنها فِي القُرآنِ بلفْظِ (الابْتِغَاءِ):
    - كما فِي قولِهِ تعالَى: {إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى}[اللَّيْل: 20].
    - وقولِهِ: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}[البقرة: 265].
    - وقولِهِ: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: 272 ].
    - وقولِهِ:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: 114].
    فنَفَى الخَيْرَ عَنْ كثيرٍ مِمَّا يَتَنَاجَى بِهِ الناسُ إلا فِي الأمرِ بالمعروفِ، وخَصَّ منْ أفرادِهِ الصَّدَقَةَ والإِصلاحَ بينَ النَّاسِ؛ لعُمُومِ نَفْعِهِما، فدَلَّ ذَلِكَ على أنَّ التَّنَاجِيَ بذَلِكَ خَيْرٌ، وأمَّا الثوابُ عليهِ مِن اللَّهِ فخَصَّهُ بِمَنْ فعَلَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ.
    وإنما جَعَلَ الأمرَ بالمعروفِ مِن الصَّدَقَةِ، والإِصلاحَ بينَ النَّاسِ وغَيْرَهُما خيرًا، وإنْ لمْ يُبْتَغَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ على ذَلِكَ مِن النَّفْعِ المُتَعَدِّي، فَيَحْصُلُ بِهِ لِلنَّاسِ إِحسانٌ وخيرٌ.
    وأمَّا بالنِّسبَةِ إلى الأَمْرِ:
    - فإنْ قَصَدَ بِهِ وجهَ اللَّهِ وابتغاءَ مَرْضَاتِهِ كانَ خيرًا لَهُ، وأُثِيبَ عليهِ.
    - وإنْ لمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ لمْ يَكُنْ خيرًا لَهُ، ولا ثوابَ لهُ عليهِ.
    وهذا بخلافِ مَنْ صامَ وصلَّى وذَكَرَ اللَّهَ، يَقْصِدُ بذَلِكَ عَرَضَ الدُّنْيا؛ فإنَّهُ لا خَيْرَ لهُ فيهِ بالكُلِّيَّةِ؛ لأنَّهُ لا نَفْعَ فِي ذَلِكَ لصاحِبِهِ؛ لِمَا يَتَرتَّبُ عليهِ مِن الإِثْمِ فيهِ، ولا لغيرِهِ؛ لأنَّهُ لا يَتَعَدَّى نفعُهُ إلى أحدٍ، اللَّهُمَّ إلا أَنْ يحصُلَ لأحدٍ بهِ اقْتِدَاءٌ فِي ذَلِكَ.
    وأمَّا ما وَرَدَ فِي السُّنَّةِ وكلامِ السَّلفِ مِنْ تسميَةِ هذا المعنَى بالنِّيَّةِ، فكثيرٌ جدًّا، ونحنُ نَذْكُرُ بعضَهُ:
    - كما خرَّجَ الإِمامُ أحمدُوالنَّسَائِيُّ مِنْ حديثِ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قالَ: ((مَنْ غَزَا فِي سَبيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْوِ إِلا عِقَالاً، فَلَهُ مَا نَوَى)).
    - وخَرَّجَ الإِمامُ أحمدُ مِنْ حديثِ ابنِ مَسْعُودٍ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ أَكْثَرَ شُهَدَاءِ أُمَّتِي لأََصْحَابُ الْفُرُشِ، وَرُبَّ قَتِيلٍ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ)).
    - وخَرَّجَ ابنُ مَاجَهْ مِنْ حديثِ جَابِرٍ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ)).
    - ومنْ حديثِ أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ)).
    - وخَرَّجَ ابنُ أبي الدُّنْيَا مِنْ حديثِ عُمَرَ، عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّمَا يُبْعَثُ الْمُقْتَتِلُونَ عَلَى النِّيَّاتِ)).
    - وفي (صحيحِ مُسْلِمٍ): عنْ أُمِّ سَلَمَةَ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ)).
    فَقُلْتُ: يَا رسولَ اللَّهِ، فكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كارِهًا؟
    قالَ: ((يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ، وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ)).
    - وفيهِ أَيضًا: عَنْ عائِشَةَ، عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معنَى هذا الحديثِ، وقالَ فيهِ: ((يَهْلِكُونَ مَهْلِكًا وَاحِدًا، ويَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى، يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ)).
    - وخَرَّجَ الإِمامُ أحمدُوابنُ مَاجَهْ مِنْ حديثِ زَيْدِ بنِ ثابتٍ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ)) لفْظُ ابنِ مَاجَهْ.
    ولفْظُ أحمدَ: ((مَنْ كَانَ هَمُّهُ الآخِرَةَ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا)).
    - وخرَّجَهُ ابنُ أبي الدُّنْيَا، وعندَهُ: ((مَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الآخِرَةَ)).
    - وفي (الصَّحيحيْنِ): عنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ، عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلا أُثِبْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ)).
    - ورَوَى ابنُ أبي الدُّنيا: بإسنادٍ مُنْقَطِعٍ عنْ عُمرَ قالَ: (لا عَمَلَ لِمَنْ لا نِيَّةَ لَهُ، ولا أَجْرَ لِمَنَ لا حِسْبَةَ لهُ) يعنِي: لا أَجْرَ لِمَنْ لمْ يَحْتَسِبْ ثَوَابَ عَمَلِهِ عندَ اللَّهِ عزَّ وَجَلَّ.
    -وبإ سنادٍ ضعيفٍ عن ابنِ مَسْعُودٍ قالَ: (لا يَنْفَعُ قَوْلٌ إلا بعَمَلٍ، ولا يَنْفَعُ قَوْلٌ وعَمَلٌ إلا بنِيَّةٍ، ولا يَنْفَعُ قَوْلٌ وعَمَلٌ ونيَّةٌ إلا بما وَافَقَ السُّنَّةَ).
    - وعنْ يَحْيَى بنِ أبِي كثيرٍ قالَ: (تَعَلَّمُوا النِّيَّةَ؛ فإنَّها أَبْلَغُ مِن العَمَلِ).
    - وَعنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ قالَ: (إِنِّي لأَُحِبُّ أنْ تكونَ لي نِيَّةٌ فِي كُلِّ شيءٍ، حتَّى فِي الطَّعامِ والشَّرَابِ).
    - وعنهُ أنَّهُ قالَ: (انْوِ فِي كلِّ شيءٍ تُرِيدُهُ الخيرَ، حتَّى خُرُوجِكَ إلى الْكُنَاسَةِ).
    - وعنْ داودَ الطَّائِيِّ قالَ: (رأيتُ الخَيْرَ كُلَّهُ إنَّما يَجْمَعُهُ حُسْنُ النِّيَّةِ، وكفاكَ بِهِ خيرًا وإنْ لَمْ تَنْصَبْ).
    - قالَ داودُ: (والبِرُّ هِمَّةُ التَّقِيِّ، ولوْ تَعَلَّقَتْ جَمِيعُ جَوَارِحِهِ بحُبِّ الدُّنيا لرَدَّتْهُ يَوْمًا نِيَّتُهُ إلى أَصْلِهِ).
    - وعنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قالَ: (ما عَالَجْتُ شيئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي؛ لأنَّها تَتَقَلَّبُ عَلَيَّ).
    وعنْ يُوسُفَ بنِ أسْباطٍ قالَ: (تَخْلِيصُ النِّيَّةِ مِنْ فَسَادِها أشدُّ على العامِلِينَ مِنْ طُولِ الاجْتِهَادِ).
    - وقيلَ لنافِعِ بنِ جُبَيْرٍ: أَلا تَشْهَدُ الجَنَازَةَ؟ قالَ: (كما أنْتَ حتَّى أَنْوِيَ)، قَالَ: فَفَكَّرَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قالَ: (امْض)ِ.
    - وعنْ مُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللَّهِ قالَ: (صلاحُ القلبِ بصلاحِ العَمَلِ، وصلاحُ العَمَلِ بصلاحِ النِّيَّةِ).
    - وعنْ بعضِ السَّلَفِ قالَ: (مَنْ سَرَّهُ أنْ يَكْمُلَ لَهُ عَمَلُهُ فليُحْسِنْ نِيَّتَهُ؛ فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يأْجُرُ العَبْدَ إذا حَسُنَتْ نِيَّتُهُ حتَّى باللُّقْمَةِ).
    - وعن ابنِ المُبَارَكِ قالَ: (رُبَّ عَمَلٍ صغيرٍ تُعَظِّمُهُ النِّيَّةُ، ورُبَّ عملٍ كبيرٍ تُصَغِّرُهُ النيَّةُ).
    - وقالَ ابنُ عَجْلانَ: (لا يَصْلُحُ العمَلُ إلا بثلاثٍ: التَّقْوَى للَّهِ، والنِّيَّةِ الحسنَةِ، والإِصابَةِ).
    - وقال الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: (إنَّما يُرِيدُ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ مِنكَ نِيَّتَكَ وإِرادَتَكَ).
    - وعنْ يُوسُفَ بنِ أَسْباطٍ قالَ: (إِيثَارُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ أفضلُ مِن القَتْلِ فِي سبيلِهِ).
    خرَّجَ ذَلِكَ كُلَّه ُابنُ أبي الدُّنيا فِي كتابِ (الإِخلاصِ والنِّيَّةِ).
    - ورَوَى فيهِ بإسنادٍ مُنْقَطِعٍ عنْ عُمَرَ رضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: (أفضَلُ الأعمالِ: أداءُ ما افْتَرَضَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ، والوَرَعُ عمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عزَّ وَجَلَّ، وصِدْقُ النِّيَّةِ فيما عندَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ).
    وبهذا يُعْلَمُ معنَى ما رُوِيَ عن الإِمامِ أحمدَ أن أُصولَ الإِسلامِ ثلاثةُ أحاديثَ: حديثِSad(الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)).
    وحديثِ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)).
    وحديثِ: ((الْحَلالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ)).
    فإنَّ الدِّينَ كلَّهُ يَرْجِعُ إلى:
    - فِعْلِ المأموراتِ.
    - وتَرْكِ المَحْظُوراتِ.
    - والتَّوَقُّفِ عن الشُّبُهاتِ.
    وهذا كُلُّهُ تَضَمَّنَهُ حديثُ النُّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ.
    وإِنَّما يَتِمُّ ذَلِكَ بأمريْنِ:
    أحدُهما: أنْ يكونَ العمَلُ فِي ظاهِرِهِ على مُوَافَقَةِ السُّنَّةِ.
    وهذا هوَ الذي تَضَمَّنَهُ حديثُ عائِشَةَ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)).
    والثَّاني: أنْ يكونَ العَمَلُ فِي باطِنِهِ يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، كما تَضَمَّنَهُ حديثُ عُمَرَSad(الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)).
    وقالَ الفُضَيْلُ فِي قولِهِ تعالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[الْمُلْك: 2]،
    قالَ: (أَخْلَصُهُ وأَصْوَبُهُ).وقالَ: (إنَّ العَمَلَ:- إذا كانَ خالِصًا، ولمْ يكُنْ صوَابًا ،لم يُقْبَلْ. وإذا كانَ صَوَابًا، ولمْ يكُنْ خالِصًا ، لمْ يُقْبَلْ. حتَّى يكونَ خالِصًا صوَابًا).
    قالَ: (والخالِصُ إذا كانَ للَّهِ عزَّ وجلَّ، والصَّوابُ إذا كانَ على السُّنَّةِ).
    وقدْ دَلَّ على هذا الَّذي قالَهُ الفُضَيْلُ: قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكَهف: 110].
    وقالَ بعضُ العَارِفينَ: (إنَّما تَفَاضَلُوا بالإِراداتِ، ولم يَتَفَاضَلُوا بالصَّوْمِ والصَّلاةِ).
    وقولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).
    لمَّا ذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ الأَعمالَ بحسَبِ النِّيَّاتِ، وأنَّ حَظَّ العامِلِ مِنْ عَمَلِهِ نيَّتُهُ مِنْ خيرٍ أوْ شرٍّ، وهاتانِ كَلِمَتَانِ جامِعَتَانِ، قاعِدَتَانِ كُلِّيَّتَانِ لا يَخْرُجُ عنهُما شيءٌ، ذَكَرَ بعدَ ذَلِكَ مِثالاً مِنْ أمْثَالِ الأعمالِ الَّتي صُورَتُها واحِدَةٌ، ويَخْتَلِفُ صلاحُها وفسادُها باختلافِ النِّيَّاتِ، وكأنَّهُ يقولُ: سائِرُ الأعمالِ على حَذْوِ هذا المثالِ.
    وأصْلُ الهِجْرَةِ: هِجرانُ بَلَدِ الشِّرْكِ، والانْتِقَالُ مِنهُ إلى دارِ الإِسلامِ،كما كانَ المُهَاجِرُونَ قبلَ فَتْحِ مَكَّةَ يُهَاجِرُونَ مِنها إِلى مدينةِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدْ هَاجَرَ مَنْ هاجَرَ مِنهم قبلَ ذَلِكَ إلى أرضِ الحَبَشَةِ إلى النَّجَاشِيِّ.
    فأخْبَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ هذِهِ الهِجْرَةَ تَخْتَلِفُ باخْتِلافِ النِّيَّاتِ والمَقَاصِدِ بها ، فمَنْ هاجَرَ إلى دارِ الإِسلامِ حُبًّا للَّهِ ورسولِهِ، وَرَغْبَةً فِي تَعَلُّمِ دينِ الإِسلامِ، وإظهارِ دِينِهِ حيثُ كانَ يَعْجِزُ عنهُ فِي دارِ الشِّرْكِ، فهذا هوَ المُهَاجِرُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ حقًّا، وكفَاهُ شَرَفًا وفَخْرًا أنَّهُ حَصَلَ لَهُ ما نَوَاهُ مِنْ هِجْرَتِهِ إلى اللَّهِ ورسولِهِ.
    ولهذا المَعْنَى اقْتَصَرَ فِي جَوَابِ هذا الشَّرْطِ على إِعَادَتِهِ بلفْظِهِ؛ لأنَّ حُصُولَ ما نَوَاهُ بهِجْرَتِهِ نِهَايَةُ المَطْلُوبِ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ.
    ومَنْ كانَت هِجْرَتُهُ مِنْ دارِ الشِّرْكِ إلى دارِ الإِسلامِ لطَلَبِ دُنْيا يُصِيبُها، أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُها فِي دارِ الإِسلامِ، فهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إليهِ مِنْ ذَلِكَ.
    فالأوَّلُ: تاجِرٌ.
    والثَّاني: خَاطِبٌ.
    وليسَ واحِدٌ مِنهما بمُهَاجِرٍ.
    وفي قولِهِ: ((إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))تَحْقِيرٌ لِمَا طَلَبَهُ مِنْ أمرِ الدُّنيا، واسْتِهَانَةٌ بِهِ؛ حيثُ لَم يَذْكُرْهُ بلَفْظِهِ.
    وأيضًا فالهِجْرَةُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ واحِدَةٌ، فلا تَعَدُّدَ فيها، فلذَلِكَ أعَادَ الجوابَ فيها بلَفْظِ الشَّرْطِ.
    والهِجْرَةُ لأمورِ الدُّنيا لا تَنْحَصِرُ، فقدْ يُهَاجِرُ الإِنسانُ لطَلَبِ دُنيا مُباحَةٍ تَارَةً، ومُحَرَّمَةٍ أُخْرَى، وأفرادُ ما يُقْصَدُ بالهِجْرَةِ مِنْ أُمورِ الدُّنيا لا تَنْحَصِرُ؛ فلذَلِكَ قالَ: ((فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ))يعني: كائِنًا ما كانَ.
    وقدْ رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا فِي قولِهِ تعالَى:{إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامتَحِنُوهُنَّ} الآيَةَ [المُمْتَحِنَة: 10] قالَ: (كانَت المرأةُ إذا أَتَت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَها باللَّهِ: ما خَرَجْتُ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، وباللَّهِ: ما خَرَجْتُ رَغْبَةً بأَرْضٍ عنْ أرْضٍ، وباللَّهِ: ما خَرَجْتُ التِمَاسَ دُنْيا، وباللَّهِ: ما خَرَجْتُ إلا حُبًّا للَّهِ ورَسُولِهِ).
    خَرَّجَهُ ابنُ أبي حاتِمٍ، وابنُ جَرِيرٍ، والبَزَّارُ فِي (مُسْنَدِهِ)، وخرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بعضِ نُسَخِ كتابِهِ مُخْتَصَرًا.
    وقدْ رَوَى وَكَيعٌ فِي كتابِهِ عن الأعمشِ، عنْ شَقِيقٍ -هُوَ أبو وائِلٍ- قالَ: (خَطَبَ أعرابِيٌّ مِن الحَيِّ امْرَأةً يُقَالُ لها: أُمُّ قَيْسٍ، فأَبَتْ أنْ تَزَوَّجَهُ حتَّى يُهَاجِرَ، فهَاجَرَ، فتَزَوَّجَتْهُ، فكُنَّا نُسمِّيهِ مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ ).

    قالَ: فقالَ عبدُ اللَّهِ، يَعْنِي ابنَ مسعودٍ: (مَنْ هاجَرَ يَبْتَغِي شيئًا فهوَ لَهُ).
    وهذا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أنَّ هذا لمْ يكُنْ فِي عهدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما كانَ فِي عهدِ ابنِ مسعودٍ.
    ولكِنْ رُوِيَ مِنْ طريقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَن الأعْمَشِ، عنْ أبي وَائِلٍ، عن ابنِ مسعودٍ قالَ: (كانَ فينا رجلٌ خَطَبَ امْرَأةً يُقالُ لها: أمُّ قَيْسٍ، فأَبَتَ أنْ تَزَوَّجَهُ حتَّى يُهَاجِرَ، فهَاجَرَ فَتَزَوَّجَهَا، فكُنَّا نُسَمِّيهِ مُهاجِرَ أُمِّ قيسٍ).
    قالَ ابنُ مسعودٍ: (مَنْ هاجَرَ لشَيْءٍ فهوَ لَهُ).
    وقد اشْتُهِرَ أنَّ قِصَّةَ مُهاجِرِ أُمِّ قيْسٍ هيَ كانَت سببَ قولِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا)).
    وذَكَرَ ذَلِكَ كثيرٌ مِن المُتَأَخِّرِينَ فِي كُتُبِهِم، ولمْ نَرَ لذَلِكَ أصْلاً بإسنادٍ يَصِحُّ، واللَّهُ أعلمُ.
    وسَائِرُ الأعمالِ كالهِجْرَةِ فِي هذا المعنَى ، فصَلاحُها وفسادُها بحسَبِ النِّيَّةِ الباعِثَةِ عليها، كالجِهَادِ والحَجِّ وغيرِهِما.
    وقدْ سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اخْتِلافِ نِيَّاتِ النَّاسِ فِي الجِهَادِ وما يُقصَدُ بهِ مِن الرِّياءِ وإظهارِ الشَّجاعَةِ والعصبِيَّةِ وغيرِ ذَلِكَ: أيُّ ذَلِكَ فِي سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).
    فخَرَجَ بهذا كُلُّ ما سَأَلُوا عنهُ مِن المَقَاصِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ.
    ففِي (الصَّحيحَيْنِ): عنْ أبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ للمَغْنَمِ، والرَّجُلُ يُقاتِلُ للذِّكْرِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فمَنْ فِي سبيلِ اللَّهِ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)).
    وفي روايَةٍ لمسلِمٍ: سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، فأَيُّ ذَلِكَ فِي سبيلِ اللَّهِ؟ فذَكَرَ الحديثَ.
    وفي روايَةٍ لهُ أيضًا: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ غَضَبًا، ويُقاتِلُ حَمِيَّةً.
    وخَرَّجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حديثِ أبِيأُمَامَةَ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ والذِّكْرَ، ما لَهُ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا شَيْءَ لَهُ)) ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلا مَا كَانَ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ)).
    وخَرَّجَ أبو داودَ منْ حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَجُلاً قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الجِهادَ وهوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟
    فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا أَجْرَ لَهُ)).
    فأعادَ عليهِ ثلاثًا، والنَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ((لا أَجْرَ لَهُ)).
    وخَرَّجَ الإِمامُ أحمدُ وأبو داودَ مِنْ حديثِ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((الغَزْوُ غَزْوَانِ: فَأَمَّا مَنِ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ، وَأَطَاعَ الإِمَامَ، وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ، وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ، وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ، وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَسُمْعَةً، وَعَصَى الإِمَامَ، وَأَفْسَدَ فِي الأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ)).
    وخرَّجَ أبو داودَ مِنْ حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو قالَ: قُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عن الجِهَادِ والغَزْوِ، فقالَ: ((إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا، عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ أَوْ قُتِلْتَ بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِيكَ الْحَالِ)). وخَرَّجَ مُسْلِمٌ مِنْ حديثِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ((إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَها.
    قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
    قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حتَّى اسْتُشْهِدْتُ.
    قالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَِنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ.
    ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
    وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهَ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
    قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ.
    قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ.
    ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ.
    وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا.
    قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
    قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ.
    قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ.
    ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ)).
    وفي الحديثِ: إنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بَلَغَهُ هذا الحديثُ بَكَى حتَّى غُشِيَ عليهِ.
    فلمَّا أفَاقَ قالَ: (صَدَقَ اللَّهُ ورسولُهُ، قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ}[هُود: 15-16].
    وقدْ وَرَدَ الوعيدُ على تَعَلُّمِ العِلْمِ لغيرِ وَجْهِ اللَّهِ ، كما خَرَّجَهُ الإِمامُ أحمدُ وأبو داودَ وابنُ مَاجَهْ مِنْ حديثِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لا يَتَعَلَّمُهُ إِلا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) يعني: رِيحَهَا.
    وخرَّجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حديثِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ)).
    وخرَّجَهُ ابنُ مَاجَهْ بمعناهُ مِنْ حَديثِ ابنِ عُمَرَ وحُذَيْفَةَ وجابِرٍ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولفظُ حديثِ جابِرٍ: ((لا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارَ النَّارَ)).
    وقالَ ابنُ مسعودٍ: (لا تَعَلَّمُوا العِلمَ لثلاثٍ: لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهاءَ، أوْ لِتُجَادِلُوا بهِ الفُقَهَاءَ، أوْ لِتَصْرِفُوا بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إليْكُم، وابْتَغُوا بقَوْلِكُم وفِعْلِكم ما عندَ اللَّهِ؛ فإنَّهُ يَبْقَى ويَذْهَبُ ما سِوَاهُ).
    وقدْ وَرَدَ الوعيدُ على العَمَلِ لغيرِ اللَّهِ عُمُومًا:
    كما خرَّجَ الإمامُ أحمدُ منْ حديثِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ)).
    واعْلَمْ أنَّ العَمَلَ لغيرِ اللَّهِ أقْسَامٌ:
    فتَارَةً: يكونُ رِياءً مَحْضًا، بحيثُ لا يُرادُ بِهِ سِوَى مُرَاءَاةِ المَخْلُوقِينَ لغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، كحالِ المُنَافِقِينَ فِي صلاتِهِم.
    كما قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ:
    {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً}[النساء: 142].

    وقالَ تَعَالَى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} الآيَةَ [المَاعُون: 4-6].
    وكذَلِكَ وَصَفَ اللَّهُ الكُفَّارَ بالرِّياءِ فِي قولِهِ: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنفال: 47].
    وهذا الرِّياءُ المَحْضُ لا يَكَادُ يَصْدُرُ مِنْ مُؤمنٍ فِي فَرْضِ الصَّلاةِ والصِّيامِ،
    وقدْ يَصْدُرُ فِي الصَّدَقَةِ الواجِبَةِ أو الحَجِّ، وغيرِهِمَا من الأعمالِ الظَّاهِرَةِ ، أو الَّتِي يَتَعَدَّى نَفْعُها؛ فإنَّ الإخلاصَ فيها عَزِيزٌ، وهذا العَمَلُ لا يَشُكُّ مسلمٌ أنَّهُ حابِطٌ، وأنَّ صاحِبَهُ يَسْتَحِقُّ المَقْتَ مِن اللَّهِ والعُقُوبَةَ.
    وتارَةً: يكونُ العَمَلُ للَّهِ، ويُشارِكُهُ الرِّياءُ: فإنْ شارَكَهُ مِنْ أَصْلِهِ فالنُّصوصُ الصَّحيحةُ تَدُلُّ على بُطْلانِهِ وحُبُوطِهِ أيْضًا.
    وفي (صحيحِ مُسلمٍ): عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)).
    وَخَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، ولفْظُهُ: ((فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ)).
    وخَرَّجَ الإمامُ أحمدُ عنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَامَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: أَنَا خَيْرُ قَسِيمٍ لِمَنْ أَشْرَكَ بِي شَيْئًا، فَإِنَّ جُدَّةَ عَمَلِهِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ لِشَرِيكِهِ الَّذِي أَشْرَكَ بِهِ، أَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ)).
    وخرَّجَ الإمامُ أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وابنُ مَاجَهْ مِنْ حديثِ أبي سعيدِ بنِ أبي فَضَالَةَ -وكانَ مِن الصَّحابَةِ- قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ، نَادَى مُنَادٍ: مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدَ غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ)).
    وخرَّجَ البَزَّارُ فِي (مُسْنَدِهِ) منْ حديثِ الضَّحَّاكِ بنِ قَيسِ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ، فَمَنْ أَشْرَكَ مَعِي شَرِيكًا فَهُوَ لِشَرِيكِي يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَخْلِصُوا أَعْمَالَكُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الأَعْمَالِ إِلا مَا أُخْلِصَ لَهُ، وَلا تَقُولُوا: هَذَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ؛ فَإِنَّهَا لِلرَّحِمِ، وَلَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلا تَقُولُوا: هَذا لِلَّهِ وَلِوُجُوهِكُمْ؛ فَإِنَّهَا لِوُجُوهِكُمْ، وَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهَا شَيْءٌ)).
    وخَرَّجَ النَّسَائِيُّ بإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، أنَّ رَجُلاً جاءَ إلى رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً غزا يَلْتَمِسُ الأجْرَ والذِّكْرَ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا شَيْءَ لَهُ)). فأعادَها ثلاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا شَيْءَ لَهُ)). ثمَّ قالَ: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ)).
    وخرَّجَ الحاكِمُ مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ: قالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ اللَّهِ، إنِّي أَقِفُ المَوْقِفَ أُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، وأُرِيدُ أَنْ يُرَى مَوْطِنِي.
    فلَمْ يَرُدَّ عليهِ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئًا حتَّى نَزَلَتْ:
    {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف: 110 ].
    ومِمَّن رُوِيَ عنهُ هذا المَعْنَى ، وأنَّ العَمَلَ إذا خَالَطَهُ شيءٌ مِن الرِّياءِ كانَ باطِلاً، طائِفَةٌ مِن السَّلَفِ؛ مِنهمْ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ، وأبو الدَّرْدَاءِ، والحَسَنُ، وسعيدُ بنُ المُسَيِّبِ، وغيرُهم.
    وفي مَرَاسِيلِ القاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لا يَقْبَلُ اللَّهُ عَمَلاً فِيهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ خَرْدَلٍ مِنْ رِيَاءٍ)).
    ولا نَعْرِفُ عن السَّلَفِ فِي هذا خِلافًا، وإنْ كانَ فيهِ خِلافٌ عَنْ بعضِ المُتَأَخِّرِينَ.
    فإنْ خَالَطَ نِيَّةَ الجِهَادِ مَثلاً نِيَّةٌ غيرُ الرِّياءِ، مِثْلُ أخْذِ أُجْرَةٍ للخِدْمَةِ، أوْ أَخْذِ شيءٍ مِن الغَنِيمَةِ، أو التِّجَارَةُ، نَقَصَ بذَلِكَ أجْرُ جِهَادِهِم، ولمْ يَبْطُلْ بالكُلِّيَّةِ.
    وفي (صحيحِ مسلمٍ): عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ الْغُزَاةَ إِذَا غَنِمُوا غَنِيمَةً تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَغْنَمُوا شَيْئًا تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ)).
    وقدْ ذَكَرْنَا فيما مَضَى أحادِيثَ تَدُلُّ على أنَّ مَنْ أرَادَ بجِهَادِهِ عَرَضًا مِن الدُّنيا أنَّهُ لا أَجْرَ لهُ، وهيَ مَحْمُولَةٌ على أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لهُ غَرَضٌ فِي الجِهَادِ إلا الدُّنيا.
    وقالَ الإِمامُ أحمدُ: (التَّاجِرُ والمُسْتَأْجِرُ والمُكَارِي أَجْرُهُمْ على قَدْرِ ما يَخْلُصُ مِنْ نِيَّتِهِم فِي غَزَاتِهِم، ولا يكونُ مِثلَ مَنْ جَاهَدَ بنفسِهِ ومالِهِ لا يَخْلِطُ بِهِ غيرَهُ).
    وقالَ أيضًا فيمَنْ يأَخْذُ جُعْلاً على الجِهَادِ: (إذا لمْ يَخْرُجْ لأجْلِ الدَّرَاهِمِ فلا بأسَ أنْ يَأْخُذَ، كأنَّهُ خَرَجَ لدِينِهِ، فإنْ أُعْطِيَ شيئًا أَخَذَهُ).
    وكذا رُوِيَ عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو قالَ: (إذا أَجْمَعَ أحدُكم على الغَزْوِ، فعَوَّضَهُ اللَّهُ رِزْقًا، فلا بأسَ بذَلِكَ.وأمَّا إِنْ أَحَدُكُم إنْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا غَزَا، وإنْ مُنِعَ دِرْهَمًا مَكَثَ، فلا خيرَ فِي ذَلِكَ).
    وكذا قالَ الأَوْزَاعِيُّ: (إِذا كانَتْ نِيَّةُ الغَازِي على الغَزْوِ فلا أَرَى بَأْسًا).
    وهكذا يُقالُ فيمَنْ أَخَذَ شيئًا فِي الحَجِّ لِيَحُجَّ بِهِ: إمَّا عَنْ نفسِهِ، أوْ عَنْ غيرِهِ.
    وقدْ رُوِيَ عنْ مُجَاهِدٍ أنَّهُ قالَ فِي حَجِّ الجَمَّالِ وحَجِّ الأَجِيرِ وحَجِّ التَّاجِرِ: (هوَ تَمَامٌ، لا يَنقُصُ مِنْ أُجُورِهِم شيءٌ)، وهوَ مَحْمولٌ على أنَّ قَصْدَهم الأصلِيَّ كانَ هوَ الحَجَّ دُونَ التَّكسُّبِ.
    وأمَّا إنْ كانَ أصْلُ العَمَلِ لِلَّهِ، ثمَّ طَرَأَتْ عليهِ نِيَّةُ الرِّياءِ:
    - فإنْ كانَ خَاطِرًا ودفَعَهُ فلا يَضُرُّهُ بغيرِ خِلافٍ.
    - وإن اسْتَرْسَلَ معَهُ، فَهَلْ يُحْبَطُ بهِ عَمَلُهُ أمْ لا يَضُرُّهُ ذَلِكَ ويُجَازَى على أصْلِ نِيَّتِهِ؟
    فِي ذَلِكَ اخْتِلافٌ بينَ العُلَمَاءِ مِن السَّلَفِ ، قدْ حكاهُ الإِمامُ أحمدُ وابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَرَجَّحَا أنَّ عمَلَهُ لا يَبْطُلُ بذَلِكَ، وأنَّهُ يُجَازَى بنِيَّتِهِ الأُولى.
    وهوَ مَرْوِيٌّ عن الحسنِ البَصْرِيِّ وغيرِهِ.
    ويُسْتَدَلُّ لهذا القولِ بما خَرَّجَهُ أبو داودَ فيِ (مراسيلِهِ) عنْ عطاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، أنَّ رَجُلاً قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّ بَنِي سَلِمَةَ كُلَّهُم يُقَاتِلُ، فمِنْهم مَنْ يُقاتِلُ للدُّنْيَا، ومِنهم مَنْ يُقاتِلُ نَجْدَةً، ومِنهم مَنْ يُقاتِلُ ابتغاءَ وَجْهِ اللَّهِ، فَأَيُّهُم الشَّهيدُ؟ قالَ: ((كُلُّهُمْ إِذَا كَانَ أَصْلُ أَمْرِهِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا)).
    وذَكَرَ ابنُ جريرٍ: أنَّ هذا الاخْتِلافَ إنَّما هوَ:
    - فِي عَمَلٍ يَرْتَبِطُ آخِرُهُ بأوَّلِهِ؛ كالصَّلاةِ والصِّيامِ والحَجِّ.
    - فأمَّا ما لا ارْتِبَاطَ فيهِ، كالقِرَاءَةِ والذِّكْرِ وإِنْفَاقِ المالِ ونَشْرِ العِلْمِ؛ فإنَّهُ يَنْقَطِعُ بِنِيَّةِ الرِّياءِ الطَّارِئَةِ عليهِ، ويَحْتَاجُ إلى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ.
    وكذَلِكَ رُوِيَ عنْ سُليمَانَ بنِ داودَ الهاشِمِيِّ أنَّهُ قالَ: (رُبَّما أُحَدِّثُ بحديثٍ ولي نِيَّةٌ، فإذا أَتَيْتُ على بعْضِهِ تغيَّرَتْ نِيَّتِي، فإذا الحديثُ الواحِدُ يَحْتَاجُ إلى نِيَّاتٍ).
    ولا يَرِدُ على هذا الجِهَادُ ، كما فِي مُرْسَلِ عطاءٍ الخُرَاسَانِيِّ؛ فإنَّ الجِهَادَ يَلْزَمُ بِحُضُورِ الصَّفِّ، ولا يَجُوزُ تَرْكُهُ حينَئِذٍ، فيَصِيرُ كَالْحَجِّ.
    فأمَّا إذا عَمِلَ العَمَلَ للَّهِ خالِصًا، ثمَّ أَلْقَى اللَّهُ لهُ الثَّناءَ الحَسَنَ فِي قُلُوبِ المؤمِنينَ بذَلِكَ، ففَرِحَ بفَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ، واسْتَبْشَرَ بذَلِكَ، لمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ.
    وفي هذا المعنى جاءَ حديثُ أبِي ذَرٍّ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ سُئِلَ عن الرَّجُلِ يَعْمَلُ العَمَلَ للَّهِ مِن الخيرِ ويَحْمَدُهُ النَّاسُ عليهِ، فقالَSad(تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ))، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.
    وخرَّجَهُ ابنُ مَاجَهْ، وعندَهُ: (الرَّجُلِ يَعْمَلُ العَمَلَ للَّهِ فيُحِبُّهُ النَّاسُ عليهِ).
    وبهذا المَعْنَى فسَّرَهُ الإِمامُ أحمدُ، وإسحاقُ بنُ رَاهُويَهْ، وابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وغيرُهم.
    وكذَلِكَ الحديثُ الذي خرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وابنُ مَاجَهْ مِنْ حديثِ أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رجُلاً قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَعْمَلُ العَمَلَ فَيُسِرُّهُ، فإِذا اطُّلِعَ عليهِ أَعْجَبَهُ، فقالَ: ((لَهُ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ، وَأَجْرُ الْعَلانِيَةِ)).
    ولْنَقْتَصِرْ على هذا المِقْدَارِ مِن الكلامِ على الإِخلاصِ والرِّيَاءِ؛ فإنَّ فيهِ كِفَايَةً.
    وبالجُمْلَةِ، فما أَحْسَنَ قَوْلَ سَهْلِ بنِ عبدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ: (ليسَ على النَّفسِ شيءٌ أَشَقَّ مِن الإخلاصِ؛ لأنَّهُ ليسَ لَهَا فيهِ نَصِيبٌ).
    وقال َ يُوسُفُ بنُ الحُسَينِ الرَّازِيُّ: (أَعَزُّ شيءٍ فِي الدُّنيا الإخلاصُ، وكمْ أَجْتَهِدُ فِي إِسْقَاطِ الرِّياءِ عَنْ قلْبِي، وكأنَّهُ يَنْبُتُ فيهِ على لَوْنٍ آخَرَ).
    وقالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: (كانَ مِنْ دُعاءِ مُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللَّهِ: اللَّهُمَّ إنَّي أَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تُبْتُ إليكَ مِنهُ ثُمَّ عُدْتُ فيهِ، وأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا جَعَلْتُهُ لكَ على نَفْسِي ثُمَّ لمْ أَفِ لكَ بِهِ، وأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا زَعَمْتُ أنِّي أَرَدْتُ بِهِ وَجْهَكَ فَخَالَطَ قَلْبِي مِنهُ ما قدْ عَلِمْتَ).


    فَصْلٌ
    وأمَّا النِّيَّةُ بالمعنَى الَّذي يَذْكُرُهُ الفُقهاءُ، وهوَ أنَّهُ تَمْييزُ العِبَادَاتِ مِن العاداتِ، وتَمْييزُ العِبَاداتِ بعضِها مِنْ بعضٍ؛ فإنَّ الإمساكَ عن الأكْلِ والشُّرْبِ يَقَعُ:
    - تارَةً: حَمِيَّةً.
    - وتَارَةً: لعدَمِ القُدْرَةِ على الأكلِ.
    - وتارَةً: تَرْكًا للشَّهَوَاتِ للَّهِ عزَّ وجلَّ.
    فيُحْتَاجُ فِي الصِّيامِ إلى نِيَّةٍ؛ لِيتَمَيَّزَ بذَلِكَ عَنْ تَرْكِ الطَّعامِ على غيرِ هذا الوَجْهِ.
    وكذَلِكَ العباداتُ؛ كالصَّلاةِ والصِّيامِ:
    - مِنها: فَرْضٌ.
    - ومِنها: نَفْلٌ.
    والفرضُ يَتَنَوَّعُ أنواعًا؛ فإنَّ الصَّلواتِ المفروضاتِ خَمْسُ صلواتٍ كُلَّ يومٍ وليلةٍ.
    والصَّومَ الواجِبَ:
    - تارَةً: يكونُ صيامَ رمضانَ.
    - وتارةً: صيامَ كفَّارَةٍ.
    - أوْ: عنْ نَذْرٍ.
    ولا يَتَمَيَّزُ هذا كُلُّهُ إلا بالنِّيَّةِ.
    وكذَلِكَ الصَّدَقَةُ:
    - تكونُ نَفْلاً.
    - وتكونُ فَرْضًا.
    والفَرْضُ:
    - مِنه: زَكَاةٌ.
    - ومِنهُ: كفَّارَةٌ.

    ولا يَتَمَيَّزُ ذَلِكَ إلا بالنِّيَّةِ، فيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَإِنَّمَا لامْرِئٍ مَا نَوَى)). وفي بعضِ ذَلِكَ اخْتِلافٌ مَشْهُورٌ بينَ العُلَمَاءِ؛ فإنَّ مِنهم مَنْ لا يُوجِبُ تَعْيِينَ النِّيَّةِ للصَّلاةِ المفروضَةِ، بلْ يَكْفِي عندَهُ أن يَنْوِيَ فَرْضَ الوَقْتِ، وإنْ لمْ يَسْتَحْضِرْ تَسْمِيَتَهُ فِي الحالِ، وهوَ رِوَايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ.
    ويُبنَى على هذا القولِ: أنَّ مَنْ فاتَتْهُ صَلاةٌ مِنْ يومٍ وليلَةٍ، ونَسِيَ عَيْنَها، أنَّ عليهِ أن يَقْضِيَ ثلاثَ صَلَوَاتٍ: الفجرَ والمغرِبَ ورُبَاعِيَّةً واحِدَةً.
    وكذَلِكَ: ذَهَبَ طائِفَةٌ مِن العُلماءِ إلى أنَّ صيامَ رمضانَ لا يَحْتَاجُ إلى نِيَّةٍ تَعْيِينِيَّةٍ أيضًأُمِّ قَيْسٍَةِ الصِّيامِ مُطلقًا؛ لأنَّ وَقْتَهُ غيرُ قابِلٍ لصيامٍ آخَرَ، وهوَ أيضًا رِوايَةٌ عن الإِمامِ أحمدَ.
    ورُبَّما حُكِيَ عنْ بعْضِهِم أنَّ صيامَ رَمَضَانَ لا يَحْتَاجُ إلى نِيَّةٍ بالكُلِّيَّةِ؛ لِتَعيِينِهِ بنفسِهِ، فهوَ كَرَدِّ الودائِعِ.
    وحُكِيَ عن الأَوْزَاعِيِّ أنَّ الزَّكاةَ كذَلِكَ.
    وتأوَّلَ بعضُهم قولَهُ على أنَّهُ أرادَ أنَّها تُجْزِئُ بنِيَّةِ الصَّدَقَةِ المُطْلَقَةِ كالحَجِّ.
    avatar
    نور الهدى


    عدد المساهمات : 33
    نقاط : 79
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    الحديث الاربعون النووية الحديث الاول إنما الاعمال بالنيات  ****  الجزء الثالث ***** Empty رد: الحديث الاربعون النووية الحديث الاول إنما الاعمال بالنيات **** الجزء الثالث *****

    مُساهمة من طرف نور الهدى الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 8:31 pm

    جزاك الله خيرالللاخ صوت الحق على موضعك القيم

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 6:06 am